العدد 12 – نوفمبر/تشرين الثاني 2021

115 |

إلا أن هذا البعد المادي الملموس، أي ممارسة المقاطعة، يعتبر الأكثر تقييدًا، مقارنة بالمنظومــة المعلوماتيــة المنفتحة نســبيّا، والتفاعل التأطيري الــذي يظهر فيه تفوق المشــاركين في حملة المقاطعة، فالمقاطعة تعتمد منطق الإكراه أو العقاب الشــعبي الاقتصادي بقصد التأثير على كيانات معينة قد تكون كيانات تجارية أو سياسية، وفي حالة مقاطعة المنتجات الفرنســية، فإن المُســتَهدَف هو السلطات الفرنسية وموقفها المؤيد لهذه الرسومات. فالكيانات السياسية والتجارية الفرنسية وإن كانت لا تملك قوة التحكّم في الشبكة، والتدفقات التي تمر من خلالها، والقدرة على وضع الأحكام التفويضية والتوزيعية التي تشكّل مسارات هذه التدفقات؛ إلا أنها تتمتع بمستوى عال من التوسط، خاصة في إطار ما يمكن وصفه بالشبكة الفرعية التي تربط بين الكيانات والأفراد في كل من دول الشرق الأوسط وأوروبا؛ ما يعني أن الضغط الناشئ عن قوة التخارج وفك الارتباط يقابله ضغط ناشئ عن قوة التوسط التي تتمتع بها الكيانات الفرنســية. مع ذلك، يســعى سالكو مســار المقاطعة إلى إنتاج ضغط اقتصادي على الشــركات الفرنســية من خلال منعها المنافع المســتخلصة من العلاقات مع أسواق العالم الإسلامي على المستوى الثنائي والشبكي، على أن يدفع هذا الضغط الشركات بدورها للضغط على الحكومة الفرنسية لتغيير موقفها من الرسومات المسيئة. يتلخّص منطق هذا المسار في أنه إذا كانت المنافع المتوقع خسارتها بسبب المقاطعة Special الشــعبية معتبرة، يفترض أن تُفعّل المقاطعة جماعــات المصالح الخاصة ( ) الأكثر تأثرًا بالمقاطعة لتطلق آليات التأثير والضغط على الحكومة Interest Groups الفرنســية لتُغَيّر من سياســاتها المتسببة في المقاطعة. ولفهم هذه الآلية من المناسب ) التي لا تفترض Public Choice Theory النظر فيما يســمى بنظرية الاختيار العام ( ارتباط سياســات الحكومات بالمصلحة الوطنية، أو أن الإطار المؤسســي السياسي المحلي وما ينتج عنه من تجميع للمصالح يعكس اختيارات المجتمع، بل إن النظم الديمقراطية التمثيلية تُنتِج عادة سياســات حكومية تفضيلية تخدم أصحاب المصالح ). بشــكل مختصر، تعتبر نظريــة الاختيار العام تطبيقًا 42 الخاصــة وليس المجتمع( للنظريــة الاقتصادية ومنهجيهــا في تحليل التفاعلات السياســية، من خلال التركيز على المســؤولين الحكوميين المنتخبين ومصالحهــم، وطبيعة علاقاتهم الزبائنية مع ) والتي تتضمــن الناخبين، وممولي الحملات Client Groups جماعــات مختلفــة ( الانتخابيــة، وقادة الأحزاب، والصحفيين، والمديرين التنفيذيين للشــركات الكبرى، .) 43 وممثلي الاتحادات العمالية، وغيرهم(

Made with FlippingBook Online newsletter