| 116
قد لا يعبّر هذا المســار عن مدى تشــابك العلاقات وتداخلها في التنظيم الشــبكي للاقتصاد السياسي الدولي والمساومات المُمَكّنَة التي تنتجها. في ظل الارتباط الشبكي بين فاعلين سياسيين وتجاريين في فرنسا وفي دول المقاطعة وعلاقات القوة الناتجة " عقلانية " عن هذه الارتباطات قد يكون نقل المساومات إلى المستوى الدولي أكثر للجانب الفرنسي. بمعنى؛ بدً من دخول الفاعلين السياسيين والتجاريين الفرنسيين في مساومة فيما بينهم حول أولوية التفضيلات الفكرية والتجارية الفرنسية، قد يتفق هؤلاء الفاعلون على الضغط والتأثير على حكومات الجماهير المقاطِعة لاســتخدام أدواتها السلطوية لإنهاء المقاطعة. يدعم هذا الاتجاه تعبير عدد من الشركات الفرنسية )، أو في أفضل الأحوال 44 ( " القيم الفرنسية " عن دعمها للحكومة الفرنسية في حماية المحافظة على مسافة من موقف الحكومة الفرنسية دون اتخاذ موقف واضح من قِبَل تلك الشركات نحو الرسومات المسيئة. وبالتالــي، قــد تكون إحدى حلقات مســار المقاطعة المتوقعة مــن خلال التحليل الشــبكي هي ضغط الحكومة الفرنســية على حكومات الجماهير المقاطِعة في سياق المعادلة التالية: اســتخدام الأدوات السلطوية لإنهاء المقاطعة، أو تخفيض الترتيبات والالتزامات الأمنية، أو البحث عن وجهات أخرى للاستثمار، أو عدم الحصول على دعــم لعضويــة أو مقعد في منظمة دولية، أو إثارة قضايا حقوق الإنســان، وجميعها مساومات لا يمكن فهمها إلا من خلال فهم الروابط الشبكية الدولية، وموقع الحكومة الفرنسية منها، في مقابل حكومات المجتمعات المقاطعة التي تسمح للأولى باستثمار موقعها ودرجة توسطها في الشبكة للضغط على هذه الحكومات. لا يعني اســتجابة حكومات الجماهير المقاطعة لهذه الضغوط اســتخدامها للإكراه الأمني المادي ضد المقاطعين أو الداعين إلى المقاطعة، رغم تســجيل حالات من الاعتقال التي قامت بها حكومات بعض الدول. في هذا السياق، يظهر مفهوم الأَمْنَنَة ) مناسبًا لوصف الارتباط بين النشاط الرقمي المعلوماتي للمقاطعين Securitization ( ومحاولات بعض الحكومات لضبطه بما يتماشى مع تفضيلاتها التجارية والسياسية، خاصة في ظل ضغط الطرف الفرنسي. وتعني عملية الأمننة إضفاء طابع التهديد على ). ويعمل الخطاب على الاســتدلال 45 موضوعــات معينة من خلال عملية خطابية( بوجود تهديد يمس البقاء (المادي والمعنوي) لمرجعية ما. ويكون الهدف من الأمننة شرعنة اللجوء إلى ترتيبات استثنائية في التعامل مع القضية محل الأمننة، ونقلها من
Made with FlippingBook Online newsletter