العدد 12 – نوفمبر/تشرين الثاني 2021

| 122

السياســية والاقتصادية العربية بشــكل خاص لموقعها في شبكات الأسواق العالمية والترتيبــات الأمنيــة كذلك يتطلب في كثير من الأحيان أكثــر من مجرد التفاوض، بــل الإدماج، والإكــراه، والتفكيك للكيانات التنظيمية والأطر الهوياتية التي قد تعيق هذا التموضع. بمعنى تعزيز قدرة الدولة على اســتخلاص الموارد المادية وتوجيهها لأهداف أمنية واقتصادية، مع التعامل مع الحد الأدنى من الموارد الثقافية والهوياتية لمجتمعاتها. إذن يمثّل الإسلام، أو بعض أنماط التدين عائقًا هوياتيّا، وأحيانًا تنظيميّا لتموضع النخب السياسية والاقتصادية في الشبكات العالمية الاقتصادية والأمنية. لقــد نجحــت أغلب النخب الحاكمة فــي المنطقة العربية فــي تفكيك وهدم البنى التنظيمية للإسلام الحركي، الذي ينافسها في حشد الموارد وتوجيهها، أو يعيق تعزيز كفاءتها في حشد مواردها في إطار الترتيبات الاقتصادية والأمنية الإقليمية والدولية. وتختلــف فيما بينها حول نطاق تجريــف الأرضية الهوياتية والثقافية وعمقها، والتي الإسلام " يمكن تحفيزها في أي عمل تنظيمي إســ مي، فاســتهدف بعضهم أدبيات ، وتوغل بعضهم في أحكام العقيدة والثوابت الإســ مية، وأطلق بعضهم " السياســي يد، أو على الأقل وقف ليشــاهد بكثير من الحماســة، جماعات من معتنقي الإلحاد والنســوية، وداعمي المثلية الجنســية وهم ينقُضُون هذه الثوابت. وكان الهدف دائمًا -وما زال- منع التنظيمات الإسلامية الحالية أو المستقبلية من الموارد الهوياتية التي قد تحشدها نحو أي عمل جماعي إسلامي بعيدًا عن سيطرة الدولة. وفي غياب التنظيمات الإســ مية التقليدية الكبرى، والقيود على ظهور أي تنظيمات جديدة تحمل إرثها، يبدو الفعل التواصلي الإسلامي بديً مقبوً لشرائح كبيرة من " التنظيمي " الشــباب أصحاب التوجهات الإســ مية. وطبقًا للتمييز بين اســتهداف يبدو أن هناك قبوً ضمنيّا بين هذه الشــرائح بصعوبة بل وعدم الفائدة " الهوياتي " و من العمل التنظيمي، ومزاحمة الدولة على المستوى السياسي والمؤسسي ومنافستها. في المقابل، يبدو أن هناك اتجاهًا نحو مقاومة هذا التجريف للهوية الإســ مية وما تتضمنه من عقائد وأفكار ومشــاعر. على الرغم من تشــعب السعي في هذا الاتجاه علــى شــبكات التكنولوجيا الرقميــة إلا أن المبادرات المعرفيــة والتعليمية العابرة للحــدود، والتي تأخذ في الغالب شــكل البرامج العلميــة الرقمية، تبدو وكأنها في طريقها لِتُمثّل نقاط التقاء محورية لشبكات من الفعل الإسلامي الفردي والتواصلي. ، يشير " من يملأ الفراغ؟: الكيانات الدينية والثقافية في مصر بعد الثورة " في دراسته

Made with FlippingBook Online newsletter