| 178
كان أو مؤسســاتيّا. غيــر أن الدين والتدين نــالا نصيبًا من التدوين والتقنين بدءًا مع الإعلان العالمي لحقوق الإنســان ومواثيق أخرى كالعهد الدولي الخاص بالحقوق )، ثم الإعلان عن رفض كل أشكال الإقصاء والتمييز 23 ( 1966 المدنية والسياســية، . 1981 على أساس الدين، عام وتؤكد الوثائق الدولية التأطير القانوني للدين في المجتمعات المعاصرة بشكل عام، سواء تعلق الأمر بإفريقيا أو غيرها، وقد اتخذت البلدان من الشرعة الدولية مصدرًا للتشــريع، ولعل غلبة أشــكال الدولة المركزية ســاعد على اختفاء التشــكّل الديني المؤسســاتي. فالمشرّع الإفريقي عند صياغته للنص لم يلتفت إلى تراثه الروحي إلا بقدر الحفاظ على النظام العام وفق تصوره، متأثرًا بمواقف التيارات الفكرية الغربية الوافدة، وهو ما كان واضحًا في تبني العلمانية. أ- المرجعية العلمانية تســلّلت الأطروحة العلمانية إلى المجتمعات الإفريقية مع الاحتلال الأوروبي، ولا يوجــد في الثقافات الإفريقية مرادف لهذا المفهوم الدخيل، ولم يمنع ذلك من كثرة المعتقدات وتعددها، وليســت العلمانية إرثًــا إفريقيّا، غير أن الفكر الحداثي الرامي إلــى الإصلاح في ظل العقل فحســب، بعيــدًا عن الميتافيزيقيا، هــو ما يجعله في طرفــي نقيض مــع الرؤية الإفريقية الجامعة بين الروحي والمادي؛ الأمر الذي تفطّن )، في Hubert Deschamps له أمثال السياســي والأكاديمي الفرنسي، هوبير ديشان ( . " الديانات في إفريقيا السوداء " مؤلّفه ولم يكن دافع وجود العلمانية بإفريقيا انتزاع حقوق مسلوبة من مؤسسة دينية مهيمنة بحكم انعدامها، ولا تجاوزها في حال وجود أشكال من التنظيم الديني، ولا الدفاع عن الحريات الدينية باعتبار ممارستها عرفًا ساريّا، رغم تبنيها مرجعية فكرية سياسية من طرف القادة، وعليه فإن مبررات استدعاء العلمانية في الفضاء الإفريقي بالدرجة الأولــى ناتجــة عن تخلي الأفارقة عن تراثهم الروحــي والرمزي والخضوع للهيمنة الغربية. وتتباين أســباب تبني العلمانية في الأنظمة السياســية تبعًا لظروف الدولة، الداخلية والخارجية؛ ومنها: - استيراد العلمانية من قوى أجنبية فاعلة في النظام الدولي.
Made with FlippingBook Online newsletter