21 |
أولً: تطور التكنولوجيا الرقمية في اســتحضار دور العامل التقني في عودة نجم ماكلوهان إلى الســطوع لا يســعنا ســوى القول: ما أشــبه اليوم بالبارحة. يرى الكاتب الأميركي، ســدني فنكلســتين )، أن قطاعًا واســعًا من الأميركيين كانوا يعيشون في ستينات Sideny Finkelstein ( القرن الماضي حالة شــديدة الاضطراب إِنْ لم تكن أزمة، نتيجة تنامي القلق الكبير الذي انتابهم من تجدّد الحرب الساخنة والباردة والتسابق نحو التسلح، وتزايد البطالة والخوف من تفشــيها بعد أتمتة الإنتاج، وســطوة التليفزيون على المجتمع والإدمان على مشاهدة برامجه السطحية والمبتذلة... وكانوا يتساءلون: هل التطور التقني الذي يعيشــونه يخدم ازدهار البشرية أو يُســبّب خرابها؟ لقد وجدوا في كتاب ماكلوهان: الإجابة التي تُطمئِنهم، وهذا ما يفســر كثرة الإقبال " كيف نفهم وســائل الإعلام؟ " عليه ساعة صدوره. إذا كان الناس يخشون من سطوة التليفزيون في العقد السادس من القرن الماضي، فقد بدأوا يخشــون من سطوة شــبكة الإنترنت وتطبيقاتها، التي لا تكفّ عن التطور، في مطلع الألفية الحالية. هكذا عاد الاهتمام بأفكار ماكلوهان .) 53 لعلها تُهدّئ من روعهم( حقيقــة، هنــاك من يعتقــد أن الميديا، التي تحــدث عنها ماكلوهان في ســبعينات وثمانينــات القــرن الماضــي، لا وجود لها اليــوم، لذا لم يكن باســتطاعته التكهّن ) وما تُحدثه من تغيرات على الصعيدين الماكرو والميكرو 54 بالكمبيوتــر وتطبيقاته( اجتماعي، لكن الكثير من الكُتّاب انصرفوا إلى سحب ما قاله ماكلوهان عن المطبعة فــي بداية اختراعهــا، والهاتف والتليغراف والإذاعة والتليفزيون في ســتينات القرن الماضي وســبعيناته، على شــبكة الإنترنت والمنصات الرقمية، ورأوا أنها تجمع كل هذه الوســائط. وبلغ الحماس بتلميذه الوفي، بول ليفينســون، درجة جعلته لا يرى .) 55 ماكلوهان إلا في صورته الرقمية( ثانيًا: انتشار الفكر ما بعد الحداثي لم يكن لمؤلفات ماكلوهان تأثير في الأوســاط الأكاديمية الأميركية التي انشــغلت بالاتصال والإعلام إلا بعد أن تبنّاها منظّرو ما بعد البنيوية وما بعد الحداثة الفرنسيون، فــي مطلع ســبعينات القرن الماضــي. حقيقة، لقد اعترف ماكلوهــان بأن كتاباته لا )، ويعارضها Ferdinand de Saussure تمتّ بأية صلة لبنيوية فرديناند دو سوســير (
Made with FlippingBook Online newsletter