العدد 12 – نوفمبر/تشرين الثاني 2021

27 |

أن العالم الآن أقرب ما يكون إلى البناية الضخمة التي تضم عشرات الشقق السكينة يقيــم داخلهــا أناس كثيرون، وكل منهم يعيش في عزلة ولا يدري شــيئًا عن جيرانه الذين يقطنون معه في البناية. ) بنقد كتابات ماكلوهان انطلاقًا من بعض ممارســات البيئة 82 وانفــرد كتاب واحد( في الدرس الإعلامي، مثل: التفاعلية والتشتت " حسّــا مشتركًا " الرقمية التي أضحت والانعزال، بيد أن هذا النقد لا يخرج عن منطق الحتمية. فإبراز ظاهرة التّشذّر والعزلة الاجتماعيــة ونســبتها إلى عامل وحيد وهو التكنولوجيــا، والحديث عن الانجراف التكنولوجي يدعمان رؤية ماكلوهان المعظمة للتكنولوجيا وســطوتها في المجتمع، وإغفال دور هذه التكنولوجيا يعني، أيضًا، الهروب من حتمية إلى أخرى. ) من الكتب المدروســة على تصنيف وســائل الإعلام إلى 83 واعترض كتاب واحد( باردة وســاخنة، بالقول: إن التطور التقنــي، مثل التليفزيون التفاعلي، يطعن في هذا .) 84 التصنيف( لم تغامر جيهان رشــتي وتنقد بعمق أطروحات ماكلوهان، بل أشارت بنغمة يشوبها ماكلوهان نفسه يؤمن بالتعمق " الاعتذار، إلى أنها لم تقدم أفكار ماكلوهان منظمة لأن والاستكشــاف أكثر من إيمانه بتقديم تعريفات نهائية. لهذا، نادرًا ما يقدّم أي فكرة مــن أفــكاره على أنها حقيقة قاطعة. فنادرًا ما يبلور ماكلوهان فكرة من أفكاره حتى تكتمــل، وهو يحتقر الأدلة التي يتم التوصل إليها بالأســاليب العلمية للبحث، لأنه .) 85 ( " يشعر أن الأبحاث متحيزة لصالح المطبوع والسطري وحتى نعفي جيهان رشــتي من كل اعتذار أو حرج نشــير إلى أن أفكار ماكلوهان .) 86 لم تكن أبدًا منظمة ومتسلســلة؛ إذ وُصِفَت كتابته للتاريخ البشــري بالفسيفساء( ، جدارية لتاريخ البشرية، بثوراته " كيف نفهم وسائل الإعلام؟ " لقد رسم، في كتابه: " العِرقيــة وبالتطور في اللغة والتقنيات والاختراعــات والفنون والعلوم. وعرض هذا التاريخ بشكل مشوّش، فَقَرّب العصور والمواضيع المتباعدة جدّا وكأن هذا التقريب .) 87 ( " أفرزته آلة مجنونة تعمل على استعادة الزمن ولــم يلجأ أي كتاب من الكتب التي درســناها إلى وضــع مقولات ماكلوهان على محــكّ التاريــخ الثقافي والإعلامي في بعــض البلدان العربية؛ فلــم نعثر على أي تحليل للعوامل التقنية والدينية والاقتصادية والسياســية والثقافية التي أخّرت طباعة ). لذا، لا يمكن تعميم ما ذكره ماكلوهان 88 المخطوطات العربية في البلدان العربية(

Made with FlippingBook Online newsletter