33 |
): عندما يذكر ماكلوهان أن الفضاء الإقليدي هو نتيجة مباشــرة 110 التوضيــح فقط( لظهــور الحروف الصوتيــة، فهل كان يجهل أن الفينيقيين هــم الذين اخترعوا هذه الحروف، وأنهم عاشــوا قبل المســيح بعشرة قرون، وأن أقليدس عاش قبل المسيح معنى خاص لــدى ماكلوهان؟ وإن كان ورق " مباشــرة " بثلاثــة قرون، أم أن لعبارة البَــرْدِي وراء قيــام الإمبراطورية الرومانية، مثلما يزعم ماكلوهان، فلماذا لم يؤدّ هذا الورق بالمصريين إلى إنشاء إمبراطوريتهم قبل الرومان بحكم أنهم كانوا الأسبق في اســتخدامه؟ وإذا كانت الحركات القومية أدت إلى إســقاط حكومات نتيجة توزيع الأخبار بفضل المطبعة ذات الحروف المتحركة، مثلما يؤكد ذلك ماكلوهان، فلماذا لــم تنطلق الثورة من الصين التي اســتخدمت المطبعة ذات الحروف المتحركة منذ القرن الثامن الميلادي؟ ) ماكلوهان في فكرته التي Elizabeth Eisenstein تشــاطر الباحثة إليزابيث إزنستين ( تنص على أن انتقال الكتاب من المخطوط إلى المطبوع قد أحدث انقلابًا في المعرفة، لكنها لا تعتبر، بأية حال من الأحوال، أن الأداة التقنية هي العنصر المحدّد والحتمي للتغيــرات الاجتماعية في الأزمنة المعاصرة. وترى أن للمطبعة علاقات بالســلطات ). لذا، نلاحظ 111 الدينية والسياسية التي تشرف على الإنتاج الفكري أو تحظر نشره( أن المطبعــة في أوروبا أســهمت في تعزيز النزعــة الفردانية والنهضة بينما أدت إلى .) 112 مركزية المعرفة والسلطة في الصين( وإن كانت الرقمنة قد طالت مختلف وســائط الاتصال، وأخضعتها لمنطق المواءمة )، مما يبطل تصنيف transmedia ( " العَبْــر الميديا " الــذي فتح المجال لبروز ظاهرة ماكلوهان لوســائل الإعلام بالســاخنة والباردة، فإن الكثير من الباحثين حكموا على هذا التصنيف بالســطحي وحتى الأســطوري. فالميديا الساخنة، على سبيل المثال، ثريــة في البيانات والمعلومات، حســب ماكلوهان الذي لــم يقس هذا الثراء بكمية المعلومات وتنوعها التي تنقل الواقع أو التجربة الاجتماعية التي تعبّر عنها، بل قاسها بالأثر النفســي الذي تتركه على الحواس مما يؤدي إلى إضعاف مشــاركة الجمهور. لقد صنّف المطبوع بالساخن لضعف مشاركة حواس القارئ في القراءة. فلننظر إلى قــراءة أي نص، حتــى وإن كانت قراءة صامتة، ألا تتطلب جهدًا بصريّا وذهنيّا لفك الحروف وإعادة تركيبها في جمل وربطها لإنتاج المعنى، وقد يرافق هذا الجهد تركيز ) 113 الأذن الباطنية؟(
Made with FlippingBook Online newsletter