العدد 12 – نوفمبر/تشرين الثاني 2021

| 34

إن تصنيف ماكلوهان للتليفزيون بأنه وســيلة باردة، نظرًا إلى فقر محتواه الذي يدفع المشاهد إلى تشغيل حاستي السمع والنظر من أجل إعادة تشكيل الصور التي يبثّها، دفــع بعــض الكُتّاب إلى التندّر بالقول: إن جهــاز التليفزيون الذي يملكه ماكلوهان !) 114 بحاجة إلى من يصلح عطبه( يفتقد تصنيف ماكلوهان لوسائل الإعلام إلى ساخنة وباردة التماسك والانسجام الذي )، على سبيل المثال، والذي قسمها 115 () John Fiske ( " جون فيســك " ميّز تصنيف إلى ثلاثة أقسام، وهي: . ميديا التقديم: الصوت، والوجه، والجسد: وتستعمل اللغات الطبيعية، والكلمات 1 )، لأنها مجرد وسيط. communicator والتعابير والإيماءات. وتشترط وجود متصل ( . ميديــا التَمَثّــل: الكتب، والفن التشــكيلي، والصور الفوتوغرافية، التي تســتعين 2 بالمدونات الثقافية والجمالية لإنتاج نص بمعزل عن المتصل ومواد للاتصال. . الحوامــل الميكانيكية: الهاتف، والإذاعــة، والتليفزيون، وهي فئات ناقلة للفئتين 3 الأولى والثانية، تخضع أكثر للإكراهات التقنية. فكرةَ حق أُريدَ بها باطلٌ في البيئة الرقمية؛ إذ " الوسيلة هي الرسالة " وتتضمن مقولة: لا يمكن الحديث عن قوة الميديا الاجتماعية وفاعليتها بمعزل عن المستخدم وتَمَلّكه لهــا، لكنها فتحت آفاقًا للبحث في علوم الإعلام والاتصال وفق مفهومين مركزيين، )، والذي يختلف عن مفهوم البيئة The media device ( " منظومة الميديــا " وهمــا: الأداة المفهومية والمنهجية التي تســمح " الإعلاميــة الــذي ذكرناه آنفًا؛ إذ يُقصد به باســتيعاب موضوع الميديا المعقد من خلال المســاهمة في تحديد أبعادها التنظيمية الذي يحدث بين " التمفصل " والمنمذجة الملازمة لتصور الإنســان لنشاطه. وأخيرًا، .) 116 ( " الإشكاليات التقنية والاجتماعية والرمزية والاقتصادية والوجودية أو الإدراكية في " المنظومة " ) شغل مفهوم Pierre Bourdieu ويمكن الإشارة إلى أن بيير بورديو ( ،) The Affordance كتابه الشــهير الذي ينقد التليفزيون الفرنســي. ومفهوم القَدَارة ( مجمل الإمكانات للفعل في بيئة ما، التي تكون موضوعية لكنها " الــذي يُعــرّف بأنه ). فقدارة الميديا الاجتماعية تتمثّل فيما 117 ( " ذات علاقة بالفاعل الذي يســتخدمها تتيحــه للفعل وما تفرضــه عليه وعلى الفاعلين من إكراهــات. فالقدرة على الفعل والتأثير لا تتوقف على العُدّة التقنية، على أهميتها، ولا على الفاعلين ونشاطهم، بل إنها موزعة على الاثنين في ســياق الاســتخدام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

Made with FlippingBook Online newsletter