العدد 12 – نوفمبر/تشرين الثاني 2021

35 |

يوجــد العديد من الباحثين الذين تأكدوا من أن قدارات التكنولوجيا الرقمية تســهم ،) 118 فــي تطويــر ديناميكية وثقافة معينة تتطلب مناهــج وأدوات بحث مخصوصة( بعيدًا عن الحدس الماكلوهاني الذي يســتند إلى الزمن الدائري: العودة إلى العصر الشــفهي، وإلــى القبيلة، الذي يتنافى مــع فكرة التقدم. فالبحث عــن قدارة مواقع التواصل الاجتماعي، على سبيل المثال، دفعت بالتفكير إلى أبعد من حدود المنصة .) 119 الرقمية؛ حيث يستطيع مستخدموها من البشر وغير البشر تقديم إضافات إليها( لا تشكّل بذاتها موضوعًا " لذا، يعتقد علماء الاجتماع أن مواقع التواصل الاجتماعي مبنيّا للدراسة، وكل خطاب يُحَمِلها مسؤولية التغيرات الاجتماعية ينزاح، بالضرورة، ). وتُعد هذه الأخيرة، في أبسط تعريف لها، عبارة عن 120 ( " إلى الحتمية التكنولوجية موقف فكري يجسده الإيمان بأن التكنولوجيا تحدّد، بشكل أساسي وفي أول مقام، ). وبهذا فهي التي ترسم القَدَرَ التاريخي 121 التنظيم الاجتماعي والســلوك البشــري( المحتوم العالق بالإنسان وبتاريخه، والذي لا مندوحة عنه. ويعتقد أنصار هذه الحتمية أن لوجود موقع التواصل الاجتماعي تأثيرًا اجتماعيّا بالقوة ذاتها والشــكل ذاته في أي مجتمع، أي إن هناك علاقة ســببية بين المتغير المستقل (العُدّة التقنية) والمتغير التابع (التأثير الاجتماعي). يصعب على هذه السببية الصمود الأحــداث لا تصنعها تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ولا تقودها، " أمــام الواقع، لأن ). وتســتبعد هذه 122 ( " بقدر ما تكون وليدة لنســيج مُعَقّد لتفاعلات إنســانية-تقنية الحتميــة كل تفكيــر في إنتاج العُدّة التقنية ذاتها، أي التّفكّر في ديناميكية العلاقة بين العلم والتقنية والسوق، وتملّكها من قبل المستخدم. تغيّرت النظرة في البيئة الرقمية إلى ثنائية الزمن والمكان التي اســتوحاها ماكلوهان من هارولد إينيس، وبنى عليها صرحه النظري في قراءته لتأثير وسائل الإعلام على المجتمــع، ليــس من ناحية إحداثيات الاتصال: الوقت، والمســافة، بل ضمن رؤية ) الذي صاغه المؤرخ فرانسوا The Presentism ( " الحضورية " أشمل يتضمَنها مفهوم ، التي كان الاتصال يخضع لها، " هنا والآن " ). فمقولة: François Hartog هارتــوغ ( ، والإنترناتي أصبح يتصل داخل الزمن وخارجه. لقد " هنا وهنــاك والآن " أصبحــت تغيّرت علاقة الإنســان بالزمن الذي يتســارع. فالحاضر يســرع ويدفع التاريخ نحو .) 123 المستقبل، والماضي لم يعد يملك قيمته المرجعية( هل يمكن اعتبار ماكلوهان من مؤسســي أيديولوجيا الاتصال؟ هذا ما يُستَشــف من

Made with FlippingBook Online newsletter