العدد 12 – نوفمبر/تشرين الثاني 2021

37 |

قــد يعتقــد البعض أن ماكلوهان لم يجانب الصــواب في حديثه عن الحرب الأبدية بين وســائط الإعلام نظرًا للتحولات التي تجري في عالم الإعلام والاتصال اليوم، والتــي يصفها البعض بالفوضــى أو الأزمة التي وقعت الصحافة الورقية ضحية لها. لكن بالمقابل، لا أعتقد أنه يوجد اليوم من يفسر توقف الكثير من الصحف الورقية بعض مواقع التواصل الاجتماعي، مثل موقع شبكة التواصل " موت " عن الصدور، أو )، بأنه Second life ( " سكند لايف " ) وموقع Ryse . com ( " ريس دوت كوم " المهني نتيجة حرب الحواس التي تمزق نفســية المرء، مثلما فســر ذلك ماكلوهان نظرًا لأن وســائط الاتصــال هي امتداد لهــذه الحواس، وأن ما يوصــف بالفوضى في العالم الافتراضــي لا يعبّر عن الحرب الميدياتيكيــة بالمفهوم الماكلوهاني، بل يفصح عن التوجس من مآل التحولات المتسارعة التي تعيشها وسائل الإعلام وتبعاتها السياسية بالمفهوم البوردوي -نسبة إلى " هيمنة النظام الرمزي " والثقافية والتي أدت إلى زعزعة تبدو حسب مُنَظِر " الثورة الرقمية " بورديو- في المجتمع، وذلك لأن السلطة في ظل )، ســائلة ودائمة التغيير ومنتشــرة Brian McNair براديغم الفوضى، بريان ماك ناير ( .) 130 عبر قنوات الاتصال والإعلام. تتراكم، تتبخر، تذوب عندما تتغير شروط البيئة( بمختلف تطبيقاته يبدو فوضويّا، " الويب " حقيقةً، إن التطور الســريع الذي يعيشــه لكن مفهوم الفوضى يظلّ نسبيّا، لأن المواقع في شبكة الإنترنت والمنصات الرقمية التي تغربل وتنتقي ” ضبط الخوارزميات " تخضع للوائحها التنظيمية والمعلن عنها ولـ حراس البوابة " مــا تنشــره. لقد أصبحــت الخوارزميات تضطلع بالدور الــذي كان يقومون به في وســائل الإعلام التقليدية. ولم يــؤدّ هذا التغيير إلى فتح " الإعلاميــة النقاش عن فوضى المعلومات والأخبار بقدر ما طرح بإلحاح الأسئلة التالية: ما مدى تعدّد الأخبار والمعلومات وتنوعها في شــبكة الإنترنت؟ وما مدى صدقيتها؟ وهل " التوحد الرقمي " تخدم حرية التعبير والفكر أم تعمل على اســتقطاب الآراء وتعزيز ؟) Homophilia ( خاتمة يتضح مما سبق أن هناك أكثر من حاجة ملحّة لإعادة النظر في موقع ماكلوهان في الدرس الإعلامي في المنطقة العربية، وذلك بالفصل بوضوح بين ما قاله ماكلوهان وبين ما نفكّر فيه عن ماكلوهان تجنبًا لتشويه أفكاره ومن أجل عَقْلَنَة تأويلها، وإلى

Made with FlippingBook Online newsletter