95 |
مقدمة شــهدت الاحتجاجات الاجتماعية عبــر مواقع التواصل الاجتماعــي عبورًا متكررًا للحدود الدولية، سواء على مستوى القضايا محل الاحتجاج أو مستوى التنسيق بين الفاعلين ذوي الصلة، حتى أصبحت تتمتع بوجود مســتمر ومستقر في البيئة الدولية يعكــس بنيتهــا الرقمية العابرة للحدود؛ ما جعل هذا الشــكل من الحراك غير قابل للتجاهــل واقعيّا ونظريّا في البيئة الدوليــة الحديثة. ورغم أن المنطقة العربية حافلة بقضايا المطالبات الاجتماعية والسياسية، التي وجدت في التقنية الرقمية ملاذًا مناسبًا لتجاوز التضييق على طرحها في الشــارع أو المجالات العامة الواقعية، إلا أنها لم تلق بعد الاهتمام الذي تستحقه بحثًا وتنظيرًا، خاصة تلك الاحتجاجات ذات الطابع الديني، والتي تواجه مضايقات أشد وصعوبات أكثر من غيرها في وقتنا الحالي بحجة ). سنتطرق لأسباب ذلك في هذه الدراسة، التي تأتي 1 الحدّ من التطرف والإرهاب( في ســياق مشــروع بحثي بدأ بدراسة حالة فعالية شــبكية ذات طابع ديني، شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا باســتخدام عُدّة منهاجية تتضمن تحليل الشبكات الاجتماعيــة وتحليل المضمون؛ هدفت إلى معرفة أســباب قــوة الحملة وتصدرها واســتمراريتها، وتفحّص مضامينها، والكشــف عن معانيها، والســردية الكامنة فيها، وانتهت إلى رصد تشــكّل معان مشــتركة بين المشاركين في حملة المقاطعة تعكس رغبــة جماعية في القدرة على التأثيــر طويل المدى والعابر للحدود لتحقيق أهداف ومصالح إسلامية، كما رآها المشاركون، ومنها الدفاع عن العقيدة الإسلامية، واحترام الأديان في مواجهة الإســاءات المتكررة للإســ م ورموزه، ومناصرة المسلمين في ). مثّلت نتائج دراستنا 2 المجتمعات غير المســلمة، وغيرها من الدوافع الإســ مية( ) 3 السابقة منطلقًا لهذا البحث من حيث السعي إلى استكشاف إمكانية تطور فاعلية( إســ مية شــعبية طويلة المدى وعابرة للحدود في ظل بيئة دولية تتســم بمستويات متزايدة من التعقيد والتقييد على العمل غير الدولتي. تهدف هذه الدراســة إلى التعامل مع الحملات الرقمية الاحتجاجية العابرة للحدود كنــوع من أنواع المســارات المُمكّنة للعمل الجماعي الإســ مي طويل المدى في السياسة العالمية المعاصرة من خلال وضع (حالة) حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية في (النوع) المفاهيمي والنظري الذي تنتمي إليه مع الأخذ بالاعتبار، أو ً: أن النماذج
Made with FlippingBook Online newsletter