مصر وإثيوبيا وصراع الهيمنة على حوض النيل

المياه والأمن المائي على أنها قضية أمن قومي لا ينبغي المساس بها، بل إن المطلوب ليس فقط الحفاظ عليها، وإنما السعي الدائم لزيادتها لمواجهة النمو السكاني المطرد. وربما هذا ما يفســر محاولات النظم المصرية المتعاقبة منذ عهد الفراعنة وحتى الآن على حوض النيل، اســتنادًا لمجموعة من ركائز القوة أبرزها ((( ) Hegemony للهيمنة ( ) هي Hydro Politics القــوة العســكرية والاقتصادية، وأن هذه السياســات المائيــة ( التي تحكم نمط التعامل مع دول الحوض ســواء كان هذا التعامل يقوم على الصراع أم التعاون. وفي المقابل، نجد أن إثيوبيا، ورغم عدم حاجتها الملحّة لمياه النيل؛ حيث يسقط حوضًا نهريّا، إلا 12 مليار متر مكعب من الأمطار ســنويّا، ولديها 900 عليهــا قرابــة أنها ترفض الهيمنة المصرية القائمة وتعارض ما تعتبره احتكارًا واســتغلاً من دولتي المصــب لكامل مياهــه، ومن ثم باتت لا تعترف بالاتفاقيات التي وقّعها الاســتعمار ) نيابــة عن مصر، أو تلك التي وقعتها مصر بعد اســتقلالها 1956 - 1881 البريطانــي ( )، كما شــرعت في تحدي هذه الهيمنة بطرق مختلفة وحســب ركائز 1959 (اتفاقيــة قوتها مقارنة بركائز القوة المصرية. وقــد تفاقمت الأزمة بيــن الجانبين مع احتياج إثيوبيا لإقامة ســدود على النيل الأزرق لتوليد الكهرباء. ورغم أن مصر لا تعارض أساسًا فكرة السدود، بل أسهمت في إنشاء بعضها مثل سد خشم القربة وسد سنار في السودان، وسد أوين في أوغندا، إلا أن المشكلة تكمن عندما تكون هناك رغبة في إقامة سدود كبيرة على الفرع الرئيسي للنيل. وربما هذه إشكالية سد النهضة -موضوع هذا الكتاب- الذي دشنته إثيوبيا عام ، حيث لا تعارض مصر فكرة أن يكون ســدّا صغيرًا وفق الرســومات الهندسية 2011 مليار 74 ، وليس 3 مليار م 14 - 11 الأولى له منذ الستينات، بحيث تتراوح بحيرته بين ، إذ ستخصم فترة الملء الأول من الحصة المصرية، لاسيما إذا تم الملء في فترة 3 م فيضــان متوســط أو جفاف أو جفاف ممتد؛ ومن ثم كانــت هذه أبرز القضايا المثارة في مفاوضات السد. مــن هنا، تأتــي أهمية هذا الكتاب الــذي يتناول بالرصــد والتحليل العلاقات Trans المصرية-الإثيوبيــة مــن منظــور العلاقات الدوليــة المائية العابرة للحــدود ( . المصطلحات الواردة في المقدمة سنتناولها بشيء من التفصيل في المدخل النظري (((

7

Made with FlippingBook Online newsletter