13 | أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي
لقـد أسـهم هـذا العمـل ذائـع الصيـت فـي إلهـام الباحثـ فـي مختلـف أنحـاء العالـم لدراسـة الشـروط الثقافي ـة للرأسمـال الاجتماعـي والأخـ ق المدني ـة. والواق ـع أن الدراسـات المتع ـددة الت ـي تناول ـت الأبع ـاد العلائقي ـة لبني ـات القراب ـة ف ـي المجتمع ـات العربي ـة، ق ـد كشـفت عـن حضـور زمـرة مـن الأعـراض الشـبيهة بمتلازمـة العائليـة غيـر الأخلاقيـة، خاصـة فيمـا يتعلـق لت مظاهـر الغيـرة والحـذر َّ بالعلاقـة بـ المجـال العائلـي والفضـاءات البيروقراطيـة. وقـد شـك الاجتماعيـ إضافـة إلـى التنافـس والمحابـاة العائليـة مـن الخطـاب الأنثروبولوجي الـذي تكلف عنـاء فحـص التماسـك الاجتماعـي المبنـي علـى الارتباطـات الغريزيـة. والحقيقـة أن الصـورة الت ـي نحتهـا هـذا الحقـل المعرفـي للروابـط الاجتماعي ـة فـي دار الإسـ م لا تخل ـو مـن الجديـة والصرامـة العلميـة؛ فقـد أسـهمت طلائـع الإثنوغرافيـ والأنثروبولوجيـ ، كل علـى طريقتـه، الناتجـة عـن تبـوؤ أخـ ق العائليـة مكانـة )4( فـي تحديـد الخطـوط العامـة للسـيكولوجيا الثقافيـة . وتتحـدد هـذه السـيكولوجيا فـي )5( الصـدارة واشـتغالها فـي الآن نفسـه كحمايـة وكطغيـان هيمنـة ملمـح الشـخص الترابطـي العاجـز عـن فـك الارتبـاط مـع النمـوذج المعيـاري للعائليـة، ل هــذا الملمــح منزلــة هجينــة غيــر واضحــة المعالــم حــ يتــم فحصهــا مــن زاويــة ِّ ويشــك . )6( الاتجاهـات الجماعي ـة والفرداني ـة يرتكـز البن ـاء الاجتماعـي للنمـوذج المثال ـي للشـخص فـي الثقاف ـة الاجتماعي ـة العربي ـة عل ـى ـات التـي َّ احتـرام الحقـوق العائليـة وخدمـة أهـداف الارتباطـات الغريزيـة. وبالرغـم مـن الرج أسـفرت عنهـا الحداثـة فـي بنيـات القرابـة لا تـزال الرنـة الطوباويـة للواجبـات العائليـة تحظـى بتقديـر اجتماعـي رفيـع؛ إذ يتوقـع معظـم النـاس أن يتصـرف المسـؤول فـي المجـالات السياسـية والإداريـة تصـرف القريـب لا تصـرف البيروقراطـي بالمعنـي الفيبـري للكلمـة، وهـو مـا يسـمح لمتغيـرات القرابـة بالاسـتئثار بقسـط وافـر مـن المـوارد العامـة بشـكل غيـر مشـروع، ممـا يعنـي أن وراء مظهرهـا الوجدانـي الخـادع أبعـاد أداتيـة تتجسـد فـي تبـادل المنافـع والمصـالح والخدمـات سـة عل ـى تمث ـل للواق ـع يتوسـل في ـه َّ ـا م ـن المحسـوبية المؤس ً الاجتماعي ـة، مم ـا يجع ـل منه ـا نمط بشـدة إلـى آليـات القرابـة.
Made with FlippingBook Online newsletter