183 |
النهضة العربية وأسئلة التأسيس بين المرجعية السلفية والليبرالية
أ- المرجعية السلفية في التأسيس للنهضة العربية: النموذج المشرقي ــم فيهــا قيــم َّ خــ ل مرحلــة القــرن التاســع عشــر دخــل الفكــر العربــي فــي ســيرورة تتحك حضاري ـة جدي ـدة تنبن ـي عل ـى محاول ـة الخـروج م ـن الرك ـود السـائد والدخـول ف ـي حركي ـة العصـر. وقـد أسـهمت المرجعيـة الفكريـة السـلفية، فـي المشـرق العربـي، فـي إعـ ن البدايـة الأولـى لهـذا المسـار، وذلـك مـن خـ ل نجاحهـا فـي إحـداث نـوع مـن التـوازن بـ التحـدي م نفسـه في شـكل َّ الحضـاري الـذي يواجهـه الفكـر العربـي مـن طـرف الفكـر الغربـي الـذي قـد حـرب جدي ـدة لا سـابق لهـا، وب ـ الت ـراث العرب ـي الإسـ مي الـذي تعـرض، خـ ل هـذه ـات قويـة بعدمـا تعـرض العـرب المسـلمون لتحديـات متتاليـة أبانـوا خلالهـا عـن َّ المرحلـة، لرج ضخصوصيتهـم الحضاريـة لخطـر داهـم تجسـد َّ ضعـف كبيـر فـي المواجهـة؛ الشـيء الـذي عـر فـي خضوعهـم للاسـتعمار والتخلـي عـن اسـتقلالهم. وف ـي خضـم هـذه التحدي ـات الكب ـرى المفروضـة عل ـى الفكـر العرب ـي، عم ـل رم ـوز الفكـر النهضـوي مـن التيـار السـلفي علـى تصحيـح الكثيـر مـن المغالطـات التـي فرضتهـا المرحلـة، وعلـى قائمـة هـذه المغالطـات محاولـة رسـم صـورة للإسـ م، كتصـور حضـاري عابـر للزمـان ا علـى الفكـر الإسـ مي وعلـى واقـع المسـلمين، المنحسـر فـي إطـار زمانـي ً والمـكان، اعتمـاد وضمـن حـدود جغرافيـة؛ الأمـر الـذي يجعـل هـذه المحاولـة مغرضـة إلـى أبعـد الحـدود. مـن رواد هـذه المرجعيـة الكبـار، حيـث أسـهم فـي )1905-1849( ويعتبـر الشـيخ محمـد عبـده ـا إنسـانية خالـدة، والتفكيـر الإسـ مي الـذي يرتبـط ً التمييـز بـ الإسـ م كديـن يحمـل قيم بواقـع المسـلمين المتسـم بالركـود والتخلـف. وقـد نجـح فـي محاولتـه التمييزيـة هذه، أيمـا نجاح، تبرهـن عل ـى ذل ـك الصـورة الجدي ـدة الت ـي صاغهـا التي ـار السـلفي للإسـ م كدي ـن يحت ـوي علـى قيـم إنسـانية نبيلـة، هـذا الديـن الـذي لا وجـود لـه فـي واقـع المسـلمين، والـذي يجـب عليهـم الالتـزام بقيمـه السـامية إذا أرادوا الخـروج مـن تقهقرهـم الحضـاري. وفـي هـذا الصدد، ا فهـو ليـس بإسـ م، وكثيـر ً يه إسـ م ِّ سـم ُ مـا تـراه الآن ممـا ت ُّ ـل ُ يقـول الشـيخ محمـد عبـده: «فج .)12(» ا ً عـاب الآن علـى المسـلمين ليـس مـن الإسـ م وإنمـا هـو شـيء آخـر سمـوه إسـ م ُ ممـا ي
Made with FlippingBook Online newsletter