189 |
النهضة العربية وأسئلة التأسيس بين المرجعية السلفية والليبرالية
كبيــرة، مــن خــ ل اســتعادتها لمجموعــة مــن الأســئلة التــي غابــت عــن الطــرح الســلفي، وبذلـك فقـد أضافـت لبن ـات جديـدة لهـذا الصـرح الفكـري الكبي ـر. رفاعة الطهطاوي: التفكير في الحداثة من خلال مفهوم التمدن لا يمك ـن أن نتح ـدث ع ـن المرجعي ـة الليبرالي ـة ف ـي التأس ـيس للنهضـة العربي ـة ف ـي المش ـرق، «الـذي يعتبـر عـن حـق مـن )-1873 1801( ـا مثـل رفاعـة الطهطـاوي ّ ً ـا فكري ً دون أن نذكـر هرم ) وقـد تمركـزت هـذه 21(» سـوا كتابـة عربيـة معاصـرة َّ أوائـل المثقفـ العـرب الذيـن بلـوروا وأس بـرت فـي نظـر معظـم النخبـة المثقفـة جوهـر الإصلاح ُ الكتابـة حـول المسـألة السياسـية التـي اعت المرتقـب. «ولا يمكـن فصـل تفكيـر رفاعـة الطهطـاوي عن منـاخ الفكـر الإصلاحي الذي انتشـر بصـور وأشـكال مختلفـة فـي الولايـات العثمانيـة فـي نهايـة القـرن الثامـن عشـر ومطلـع القـرن التاسـع عشـر، هـذا المنـاخ الـذي وضـع التقابـل بـ الإسـ م وأوروبـا المعاصـرة بـ التقـدم .)22(» ـر فـي المسـألة السياسـية باعتبارهـا قضيـة حاسمـة فـي برنامـج الإصـ ح َّ والتأخـر، وفك إن ورود مثـل هـذه الثنائيـات فـي فكـر رفاعـة الطهطـاوي، ومعـه مفكـرو عصـر النهضة، يشـي بطمـوح كبيـر لكشـف السـتار عـن إشـكاليات الراهـن العربـي الـذي لا يمكنـه أن يسـتمر فـي منـأى عـن حركيـة العصـر التـي تفـرضعليـه تحديـات كبيـرة يجـب أن يواجههـا إذا أراد تحقيـق الاسـتمرارية. وبذل ـك، نكـون خـ ل ه ـذه المرحل ـة أم ـام صي ـغ جدي ـدة للتفكي ـر تحـاول أن تسـتمد مشـروعيتها مـن المنظومـة الفكريـة المعاصـرة، ولعـل هـذا مـا يؤكـده أنـور عبـد المالـك، ـا سـيفضي فـي الأخيـر إلـى «تأسـيس حساسـية جديـدة ً الـذي يـرى أن المرحلـة تعيـش مخاض . ولا يمكـن إلا أن نعتـرف بـأن تفكيـر رفاعـة الطهطـاوي فـي )23(» فـي الفكـر العربـي المعاصـر المسـألة السياسـية ينـدرج ضمـن هـذه الحساسـية الجديـدة بـل ويزكيهـا، وذلـك راجـع إلـى أن ا مـن رمـوز النخب ـة المثقفـة فـي مصـر، فـي ً ـا مـن اعتب ـاره رمـز ً الطهطـاوي قـد واجـه انطلاق القـرن التاسـع عشـر، إشـكالية التأخـر الإسـ مي، وأنـه أدرك بحكـم احتكاكـه المباشـر بأوروبا .)24(» وبفرنسـا بالـذات عناصـر وأسـباب التقـدم الأوروبـي ـا مـن خـ ل ّ ً ويبـدو التأثيـر الـذي مارسـه الفكـر الأوروبـي علـى تفكيـر رفاعـة الطهطـاوي جلي
Made with FlippingBook Online newsletter