العدد الثاني من مجلة لباب

| 52

وقـد وصـف حسـن البنـا «حركـة الإخـوان المسـلمين» كلهـا بأنهـا «دعـوة» أي «دعـوة الإخـوان المسـلمين»، وهـو ديـدن الجميـع إلـى اليـوم، فهـي الإسـ م نفسـه مـن حيـث وقعهـا العاطفـي . )29( ل ـه بالضـرورة ِّ والوجدان ـي، ومن ـه تس ـتمد شـرعية نموذجه ـا وإن كان ـت لا تمث إن شـرعية الإخـوان فـي السـعي إلـى الخلافـة، أو إلـى إصـ ح الحكـم، مـن السـهل التسـليم بهــا لــدى عمــوم جمهــور المســلمين بهــدي مــن الســردية الإســ مية ومــا تقــوم عليــه مــن علـوم؛ إذ إن تمسـكهم بالدعـوة إلـى «حكـم شـرعي» هـو الجـزء الـذي يحاكـي رغبـات عمـوم ـا عل ـى صعي ـد ً المسـلمين إذا ل ـم نقـل: «ن ـداء الواجـب» لديهـم ويضعهـم والإسـ ميين جميع واحـد، خاصـة وأن المشـكلة المزمن ـة ف ـي المنطق ـة العربي ـة وجواره ـا الإسـ مي، ه ـي افتق ـار «الحكـم» لأي ـة شـرعية متخيل ـة أو تل ـك المقـررة فـي السـردية الإسـ مية. وهــذا الأصــل يتحفــظ عليــه الجهاديــون وخاصــة مــن تنظيــم القاعــدة، لأنهــم لــم يجــدوا ف ـي «الدع ـوة» وحده ـا كم ـا يقدمه ـا الإخ ـوان م ـا يضف ـي الش ـرعية عل ـى العم ـل السياس ـي والتنظيمــي فــي غيــاب «الإمــام الشــرعي» أي «الخليفــة»، وأســهبوا فــي نقــد رؤيــة الإخــوان واسـتدعوا العدي ـد مـن الشـواهد عل ـى خطئهـا، حت ـى أنهـم قـد يصفـون مصلحـة «الدعـوة» ابتدعـوه لمهادنـة الحـكام وللقعـود عـن الجهـاد. )30( كمـا يقدمهـا الإخـوان علـى أنهـا «صنـم» ــت عليهــا الدعايــة الجهاديــة فــي الثمانينــات، فــي الجهــاد َ ي ِ ن ُ إن الفكــرة الأساســية التــي ب الأفغانـي: أن الجهـاد هـو المبـرر الرئيسـي لشـرعية العمـل السياسـي (والأخيـر لا يقـوم لوحـده)، لأنـه الفريضـة السياسـية الأساسـية الوحيـدة التـي تصبـح واجبـة بذاتهـا، للدفاع عن المسـلمين، خاصـة عنـد الاحتـ ل الأجنبـي أو الغـزو، دون الحاجـة لخليفـة يعلنـه، لأن الجهـاد ضـد المحتـل ). وسـاعد علـى ترسـيخ هـذه الفكـرة، مـا صـدر مـن 31( لا يحتـاج إلا لـ»أميـر قتـال» فحسـب فتـاوى مؤيـدة «للجهـاد الأفغانـي» يومهـا، مـن علمـاء مـن عـدة دول إسـ مية وعربيـة وخاصـة )، وإن كانـت الغايـة مـن الفتـاوى حينئـذ إضفـاء الشـرعية علـى 32( المملكـة العربيـة السـعودية طـر آخـر، لا حصـر الشـرعية السياسـية في ـه ف ـي غي ـاب ُ الجهـاد للدف ـاع عـن مسـلمين ف ـي ق الخلافـة، لكـن التطـورات اللاحقـة أسسـت لأجيـال جهاديـة جديـدة بمفاهيـم أبعـد مـن ذلـك

Made with FlippingBook Online newsletter