العدد الثاني من مجلة لباب

الأيديولوجيا الناعمة لـ»الإسلام السياسي» ومستقبله بعد الربيع العربي

51 |

هـذه الأسـئلة، كان ـت نشـأة «الحـركات الإسـ مية» الت ـي م ـا تأسسـت إلا لاسـتعادة الحكـم الإسـ مي أو لإضفـاء الشـرعية علـى أيـة ممارسـة سياسـة فـي غيابـه. والخلاصـة أن لـدى الإسـ ميين علـى اختـ ف اتجاهاتهـم مجموعـة مـن «الأفـكار التأسيسـية» ـا لتؤكـد التيـارات ّ ً خاص ً ل مدخـ ِّ فـي حيزهـم التنظيمـي والسياسـي، تشـك ً يتخذونهـا أصـ الإسـ مية «شـرعيتها» فـي غيـاب الخلافـة الإسـ مية، بعـد أن كانـت هـذه الأخيـرة هـي أصـل السياسـة المشـروعة، وفـي غيابهـا مـن المفتـرض أن تغيـب السياسـة المشـروعة وتغيـب الشـرعية السياسـية بطبيعـة الحـال. لقـد اعتمـدت جـل تيـارات «الإسـ م السياسـي» علـى «الدعـوة» كأسـاس لشـرعيتها، وعلـى رأسـها حركـة الإخـوان المسـلمين، ولكـن «الدعـوة» هن ـا لا تعن ـي دعـوة غي ـر المسـلمين إل ـى ـا، لكنهـا دعـوة المسـلمين لاسـتئناف «الحكـم الإسـ مي» ّ ً نـة نظري َّ الإسـ م وإن كانـت متضم باعتب ـار أن الأخي ـر ج ـزء م ـن دع ـوة الإس ـ م نفس ـها (وكل مس ـلم داعي ـة)، فالإس ـ م دي ـن ودنيـا، وبتعبيـر آخـر للشـيخ حسـن البنـا: «الإسـ م عقيـدة وعبـادة، ووطـن وجنسـية، وسماحـة وق ـوة، وخل ـق وم ـادة، وثقاف ـة وقان ـون، وأن المسـلم مطال ـب بحكـم إسـ مه أن يعن ـى ب ـكل فـون أنفسـهم كتي ـار «دعـوي» فـي السياسـة، وتقـوم بنيتهـم ِّ . فهـم يعر )26( شـؤون أمت ـه.. إلخ» التنظيميـة وآليـة عملهـا علـى «الدعـوة» فـي جمـوع المسـلمين أنفسـهم، وهـي الركيـزة الأسـاس التــي تعتمدهــا الجماعــة فــي خطابهــا وتضفــي بهــا الشــرعية علــى «وجودهــا» ومشــروعية مقاربتهــا للسياســة فــي ظــل غيــاب الحكــم السياســي الشــرعي، لأن «مــا لا يتــم الواجــب .)27( (الحكـم الإسـ مي) إلا ب ـه (أي بالدعـوة ل ـه) فهـو واجـب» علــى «الدعــوة» وكونهــا كانــت «وظيفــة الرســل ُّ التوثيــق الشــرعي ينصــب َّ ــل ُ لهــذا فــإن ج والأنبيــاء»، ومــن ثــم هــي وظيفــة المســلمين المســتمرة حتــى فــي غيــاب الحاكــم الشــرعي. فمبــرر وجــود الجماعــة كجماعــة سياســية هــو «الدعــوة»، والدعــوة ممكنــة فــي كل ظــرف ومـكان وزمـان ولهـا قيـادة يتـم «اختيارهـا» بنفـس الطريقـة علـى الأقـل مـن حيـث الشـكل، .)28( الت ـي اختي ـر به ـا الخليف ـة أي «البيع ـة»، وهـذا ل ـه تأثي ـره وإن كان م ـن حي ـث قوت ـه أق ـل

Made with FlippingBook Online newsletter