العدد الثاني من مجلة لباب

57 |

الأيديولوجيا الناعمة لـ»الإسلام السياسي» ومستقبله بعد الربيع العربي

والدولـة وفـي كيفيـة الوصـول للتغييـر الشـرعي لنظـام غيـر شـرعي، وأفضـت التطـورات التـي أس ـهمت ف ـي ولادة ه ـذا التي ـار بصـورة منظم ـة عل ـى الأق ـل ف ـي مث ـال «تنظي ـم القاع ـدة»، الـذي يـرى وجـوب التغييـر وإقامـة الحكـم الإسـ مي فـي العالمـ العربـي والإسـ مي عبـر «الجهـاد»، ولكـن لـن يتحقـق ذلـك إلا بهزيمـة «الهيمنـة» الأميركيـة والغربيـة والصهيونيـة فـي المنطقــة التــي تفــرض شــروط النظــام الإقليمــي، وبهــذا يتعــ الجهــاد ليــس لدحــر المحتــل فحسـب بـل لدحـر هـذه «الهيمنـة» بـكل أشـكالها ومـا الحـكام العـرب إلا مـن نتاجهـا. هـذه هـي الفلسـفة التـي قـام عليهـا ومـن أجلهـا وبسـببها تنظيـم القاعـدة، وكان إعـ ن أسـامة بـن . )42(» لمواجه ـة «الصليبي ـ والصهاين ـة 1998 لادن الشـهير عـام فالقاعــدة، تســعى للملاءمــة بــ «فريضــة الجهــاد» والواقــع السياســي «غيــر الشــرعي» دون الســعي لإعــ ن الخلافــة فــي أيــة دولــة قطريــة بعينهــا، فهــي معنيــة بالدفــاع عــن العالــم الإســ مي ضــد «الهجمــة الغربيــة الصهيونيــة»، وضــد «عمــ ء الاســتعمار» أي «الأنظمــة المسـتبدة» وكذلـك «مـن لـم يحكـم بمـا أنـزل الله» فـي المنطقـة، فـي سـبيل التمهيـد للخلافـة أو للحكــم الشــرعي، وليــس لإقامتهــا علــى الفــور. ـا ترجـئ إقامـة الخلافـة أو تأسـيس «حكـم ّ ً ويمكـن ملاحظـة أن كل الحـركات الإسـ مية عملي شـرعي» نهائـي فـي إطـار الدولـة القطريـة أو علـى أرض الواقـع، حتـى الوهابيـة ذات المركـز ــا مــن الســردية ّ ً ــا لتحقيــق الخلافــة، لأنــه لا حــل تقليدي ّ ً ــا عقائدي ً الســعودي تتــرك هامش عـن أنـه فـي الواقـع المعاصـر ً عـدة وبشـرعية نهائيـة، فضـ ً الإسـ مية يبـرر تجزئـة «الأمـة» دو ا يسـمح ّ ً ا جيوسياسـي ً يعطـي المملكـة وعمـوم الفاعلـ فيهـا، سياسـيين وغيـر سياسـيين، بعـد لهـم يتجـاوز الحـدود الوطني ـة، ويمت ـد حيـث يمتـد الديـن. وقـد يكـون هـذا الجـزء «التـ ؤم مـع المرحلـة»، هـو الأصعـب علـى القـوة الناعمـة لأيديولوجيـا مجمـل التيـارات الإسـ مية، لأن الملاءمـة تتطلـب منهـا التخفـف مـن حرفيـة النـص (بالتأويـل ) أو وضـع مسـافة مـا معـه، لصـالح الاقتـراب مـن الواقـع لتحقيـق مصـالح النـاس (بالمعنـى ً مثـ الشـرعي) وبالتالـي مصالحهـا، سـواء للبقـاء أو الازدهـار فـي ظـل شـرعية دينيـة.

Made with FlippingBook Online newsletter