| 58
ولكـن تبـدو الوهابيـة رغـم «نصوصيتهـا» مرنـة أكثـر فـي قبولهـا السياسـي للدولـة القطريـة فـي ا ل ـدى الدول ـة، لكنهـا ّ ً النمـوذج السـعودي، مـا يعطيهـا مزي ـة عل ـى الصعي ـد الوطن ـي سياسـي ـا، مـا يجعلهـا عاجـزة عـن أيـة ً ـا مغلق ّ ً ـا اجتماعي ً ـا ونموذج ّ ً ا فقهي ً ـا ومسـلك ً بالمقابـل تلتـزم مذهب . ً ملاءمـة علـى صعيـد الحقـوق السياسـية والإنسـانية مثـ أم ـا الح ـركات الجهاديــة، لاســيما المنظمــة منهــا، فه ـي ف ـي الغال ـب ذات طبيعــة مهاجــرة، وتنتقـل حي ـث تت ـ ءم البيئ ـة معهـا ولي ـس العكـس، حي ـث الدول ـة هشـة وتعان ـي مـن فـراغ ا وحداث ـة، م ـا ً أمن ـي وقانون ـي بم ـا يس ـمح له ـا ب ـأن تطب ـق تصوراته ـا عل ـى أرض أق ـل تط ـور يجع ـل الت ـ ؤم معه ـا أس ـهل. وبالنتيجـة، هـذه الحالـة مـن «الملاءمـة بـ الإسـ م والواقـع»، هـي عبـارة عـن نضـال يومـي ـا مـا يقـوده الفقهـاء والدعـاة فـي الحـركات الإسـ مية بالدرجـة الأولـى ومن ثـم أصحاب ً غالب الخبـرات الأخـرى فيهـا، ولكـن التيـار الإسـ مي الرئيسـي يبـدو أكثـر مرونـة مـن سـواه، مـن حي ـث علاقت ـه مـع المجتمع ـات الإسـ مية، فهـو ينسـب نفسـه لمسـار طوي ـل مـن المصلحـ المطالبـ بإعـادة إحيـاء الإسـ م فـي المجتمعـات الإسـ مية دون الالتـزام بمذهـب فقهـي أو ـا أكثـر مـن بقيـة التيـارات الإسـ مية الأخـرى علـى ً مشـرب دينـي محـدد، مـا جعلـه منفتح علمـاء المسـلمين فـي دول ومجتمعـات شـتى، فهـو يبحـث عـن «إجماعـات» لـدى المسـلمين فــي كل مرحلــة وعلــى كل صعيــد دون أن يقــف عنــد أحدهــا، فهــو فــي تمــاه دائــم مــع .)43( الاجتهـاد لأنـه مشـروع «غيـر ناجـز» لا ينتهـي ولا يريـد أن يكـون كذلـك وهــذا مــا يفســر قــدرة التيــار الإســ مي الرئيســي علــى التأقلــم مــع المســتجدات وتصــدر القضايـا والتحديـات التـي تواجـه شـرائح واسـعة مـن الجمهـور المسـلم، وقـد تحـوز الشـرعية ـا لا يعنـي أكثـر مـن القـدرة علـى التأقلـم والبقـاء والتصـدر ً لمجـرد التصـدي لهـا. وهـذا أيض إذا سمحـت الظـروف فـي إطـار النظـام، وليـس القيـادة والتحكـم بـه بالاسـتناد إلـى شـرعيتها الديني ـة، وهـي مرحل ـة متقدمـة مـن الشـرعية والفعالي ـة السياسـية.
Made with FlippingBook Online newsletter