| 62
التـي كسـبتها القاعـدة فـي كل تاريخهـا «الجهـادي». ولكـن بخسـارة تنظيـم الدولـة السـيطرة المكانيـة، «أرض الخلافـة»، وهـي جوهـر قوتـه الناعمـة، فإنـه تلاشـى بسـرعة، حتـى إن تأثيـره وحماسـته قـد ذبلـت بنفـس السـرعة التـي صعـد بهـا. وهـذا مـا يطـرح السـؤال حـول حقيقـة مسـتوى التأثيـر الـذي وصلـه تنظيـم الدولـة، وإذا مـا بل ـغ مسـتوى م ـن «الفعالي ـة السياسـية» وف ـق الصف ـة المعتمـدة ف ـي هـذه الدراسـة، والجـواب يتأتـى فـي هـذا السـياق علـى الأقـل مـن جهتـ : : تجــاوز التنظيــم التوثيــق الدينــي لشــرعيته: حيــث أعلــن بعــد إعــ ن «دولتــه» تمســكه ً أو بالشـرعية المسـتقاة مـن «خليفـة»، لا يعرفـه النـاس ولـم يختـاروه، وحاولـوا المجادلـة بصحتهـا بعـدة منشـورات علـى طريقـة كتـب الأحـكام السـلطانية، فكان التشـكيك بشـرعيته الإسـ مية عـن التنـدر ببعـض مقولاتهـم علـى مسـتوى ً ـا لا محالـة حتـى فـي مجـال سـلطته، فضـ ً واقع العالـم الإسـ مي. كمـا أهـدر كل التوثيـق للشـرعية المسـتقاة مـن النـص، عندمـا أهـدر ذلـك «الجه ـاد» ال ـذي تعتم ـد شـرعيته عل ـى دف ـع الع ـدوان ولا يحت ـاج لخليف ـة ويكف ـي أمي ـر قت ـال عـن ت ـآكل شـرعية هـذا ً في ـه، فل ـم يلتحـق بالتنظي ـم إلا م ـن يؤم ـن بشـرعية الخليف ـة، فضـ الأخيـر مـع الوقـت وبسـرعة. ـا: لـم يسـتطع التـ ؤم مـع المرحلـة: فالتنظيـم منقطـع عـن أيـة تجربـة إسـ مية أخـرى، ولا ً ثاني ً ـا فـي الملاءمـة ب ـ الن ـص والواقـع لاسـيما فـي المجـال السياسـي فضـ ّ ً ـا حقيقي ً يمل ـك تراث عـن سـواه، واعتمـد علـى «شـرعيين»، كمـا كان يوصفـون، لـم يعـرف لهـم بـاع فـي العلـم ـا بحجـم التحديـات التـي تتأتـى مـن إعـ ن ً الشـرعي وبعضهـم كانـت معرفتهـم بسـيطة قياس ن بـ»الشـرعيين»، إلا لتطبيـق ْ و َّ ـم َ س ُ دولـة، «وبعـد إعـ ن الخلافـة، لـم تعـد الحاجـة تدعـو لمـن ي عدهـا القضائـي (للقضـاء والتقاضـي)، أو لتأكيـد الخيـارات والأحـكام الدولتيـة ُ «الشـريعة» فـي ب الت ـي يأمـر بهـا «الخليفـة البغـدادي» أو أمـراؤه «بتفوي ـض من ـه». وبعـد أن انتهـت دولت ـه، كان قـد خسـر الشـرعية التنظيميـة، وهـي الفكـرة التـي كانـت توفرهـا القاعـدة، التي ً التنظيـم أصـ تـرى أن الجهـاد فـي هـذا العصـر هـو للتهيئـة للخلافـة، وهـو كالجهـاد لإقامتهـا. وهـي الفكـرة
Made with FlippingBook Online newsletter