الأصول الاجتماعية والفكرية للحركة الإسلامية المغربية سيرورة…

الأولى لحزب العدالة والتنمية على رأس الحكومة المغربية، هي مسافة كافية لتقييم كنه هذه التحولت والســياقات التي تولَدت عنها، ومخرجاتها سواء على مستوى الهيكلة التنظيمية للحركة أو على مســتوى ممارســاتها السياســية؛ إذ بات واضحًا أن دخول في المغرب خلال العقود الثلاث الماضية في دينامية التســييس، الحركة الإســ مية والمشــاركة النتخابية ثم الممارســة البرلمانية، قبل أن تتولى قيادة الحكومة المغربية، بمــا يقتضي ذلك من الســتناد إلى معيار المصلحــة والخضوع إلى إكراهات التوافق وموازيــن القوى، كان له تأثير بالغ على مســتوى الخيــارات والمواقف والمرجعيات الأيديولوجية للحركة؛ مما أفضى إلى بروز نزعة براغماتية في الممارسة السياسية لأطر وقادة الحركة، نتج عنه مع توالي الســنوات، التراجع عن النزعة الأيديولوجية القائمة على المرجعية الإسلامية، وتبني خيارات واقعية بما تقتضيه المصلحة السياسية. فقــد كانت المفاهيم الرئيســة التي قامت عليها الحركة في بداياتها التأسيســية، يغلب عليها النزعة الأيديولوجية الدينية من خلال الســتناد إلى قاموس هوياتي يمتح الإسلام هو " ، و " إقامة الدولة الإسلامية " من المرجعية الإســ مية مشروعيَته، من قبيل . بيد أنه مع عملية المراجعات التي دشنتها " إنزال الشريعة " و " القرآن دستورنا " ، و " الحل الحركة بداية الثمانينات، ثم تأثير الممارســة السياسية من داخل المؤسسات السياسية الدســتورية، انتقلت الحركة تدريجيّا إلى تبني قاموس مفاهيمي، يمتح من مرجعيات . " الإصلاح السياسي " ، و " الدولة الوطنية " ، و " الديمقراطية " الحداثة السياسية من قبيل على ضوء ذلك، تســعى هذه الدراســة إلى رصد تحولت الحركة الإســ مية المغربية، من خلال النطلاق من ســؤال رئيس: كيف تؤثر الممارســة السياسية على البنية التنظيمية والأيديولوجية للحركة الإسلامية؟ ولماذا كلما ازداد انخراط واحتكاك أطر وقادة الحركة الإسلامية في الممارسة السياسية والمؤسساتية ابتعدوا تدريجيّا عن أيديولوجيتهم وأفكارهم وتصوراتهم التقليدية؟ فمسار الحركة الإسلامية قيد الدرس لم يكن مسارًا خطيّا، بل كان مسارًا مطردًا خاضعًا إلى منعرجات وسياقات متقلبة، عبر النتقال من حركة دينية بمرجعية هوياتية، تقدم نفسها كبديل للوضع السياسي القائم عبر نهج سلوك التغيير السياسي، إلى حركة شبه سياسية تمزج بين مجال الدعوة ومجال السياسة، إلى حزب سياسي خاضع إلى قواعد الممارســة السياســية البراغماتية. وهو مســار فرض على الحركة التكيف مع متغيــرات الظرفية الجتماعية، والبيئة السياســية القائمة بهــدف النخراط في العملية

9

Made with FlippingBook Online newsletter