الأصول الاجتماعية والفكرية للحركة الإسلامية المغربية سيرورة…

السياســية. لهذا، كلما زادت درجة النفتاح السياســي زاد حجم انخراط الحركة في الممارسة السياسية، مستفيدة من حجم الفرص السياسة المتاحة أمامها، من أجل تعزيز حضورها السياســي والجتماعي. وكلما تعزز هذا الحضور السياسي داخل مؤسسات الدولة، تنســاق الحركة نحو تعديل مواقفها والتخفّف من ثقل مرجعياتها وتصوراتها الأيديولوجية بما يتوافق مع موقعها داخل المؤسسات السياسية، والتزامها بالديمقراطية ونبــذ العنف والعتــدال في الطرح والقبول بالتعدديــة، والنخراط في تحالفات مع تنظيمات وأحزاب سياســية أخرى، بما تمليه السياقات ومتطلبات الممارسة السياسية البراغماتية. وعليه، بما أن أي تعبير سياســي أو خطاب أيديولوجي هو وليد للســياقات التي أفرزتــه، وبالتالــي ل يمكن فصله عن البيئة السياســية والجتماعية والقتصادية التي أنتجته، يتجه الســؤال رأسًــا نحو البحث عن ظروف نشــأة هذه الحركة الإســ مية، وســياقات إنتاج خطابها السياســي، وبناء هويتها الجمعية، وبالتالي الســتقصاء عن الجذور الفكرية والجتماعية والثقافية التي استمدت هذه الحركة منها وجودها، حتى يتسنى فهم واستيعاب ممارساتها الراهنة. فَمَــنْ هؤلء الذين أسســوا الحركة الإســ مية فــي المغرب؟ ومــا خلفياتهم الأيديولوجيــة والجتماعية؟ وهل نشــأت الحركة الإســ مية كرد فعــل على الواقع السياسي والقتصادي لدولة ما بعد الستقلال أم هي انعكاس لنظيرتها من الحركات في المشرق العربي؟ كيــف تطورت هذه الحركة؟ وما المتغيرات التي أســهمت في ســيرورة تحول خطابها السياســي والدعوي لتكون ما عليه راهنًا؟ هل ل يزال قادة الحركة متمســكين ببناء الدولة الإسلامية وإنزال الشريعة؟ أم أن ممارساتهم السياسية واحتكاكهم المباشر بالعمل المؤسساتي جعل تصوراتهم وتمثلاتهم أكثر واقعية وبراغماتية؟ كيف كان انعكاس تدبير الشأن العام لأطر وقادة هذه الحركة من داخل مؤسسة الحكومة على مستوى خطابهم السياسي؟ هل أدى اختبار تدبير الشأن العام من خلال رئاسة الحكومة إلى تغيير مدركاتهم السياسية وتعديل مرجعياتهم الأيديولوجية؟ في محاولة للإجابة عن التســاؤلت الســابقة، تنظر هذه الدراســة إلى الحركة الإســ مية كحركة اجتماعية وسياسية، وليدة لشــروط اقتصادية واجتماعية وسياسية، وبالتالــي فعملية التكيف والتفاعل مع هذه الشــروط المنتجــة لها تفتح المجال نحو

10

Made with FlippingBook Online newsletter