الأصول الاجتماعية والفكرية للحركة الإسلامية المغربية سيرورة…

حــدوث تحولت وتغييرات فــي المرجعيات والمنطلقات التي تأسســت عليها هذه الحركة بشكل مطَرد ومتعاقب. وبنــاء عليه، تفترض هذه الدراســة أن الحركة الإســ مية في المغرب نشــأت كحركة هوياتية، مرتبطة بالســياقات والظرفية الجتماعية والقتصادية والسياسية، التي مبني على Collective Action تولّدت عن دولة ما بعد الستقلال؛ فهي عمل جماعي ، تشــكّلت كــرد فعل على إخفاق عملية التحديث Collective Identity هوية جمعية القسري لدولة ما بعد الستقلال. وأنه كلما ازدادت بنية الفرص السياسية التي يوفرها النظام السياســي للحركة الإسلامية بالندماج في المجال العام الرسمي، زادت فرص اعتدالية أيديولوجيتها. وكلما انخرطت الحركة الإســ مية في العمل السياســي، وقع تحول في بنياتها التنظيمية وممارســاتها السياسية وأطرها الفكرية. وعليه، تجادل هذه الدراســة بكون الخطاب الأيديولوجي لهذه الحركة هو متغير تابع للممارسة السياسية وتداعيات الســياقات السياســية والجتماعية والقتصادية على البيئة الداخلية للحركة كمتغير مســتقل. فالنخراط المتدرج في الشأن العام، والمشاركة في العملية السياسية المؤسســاتية، ثم الوصول إلى رئاســة الحكومة، كلها عوامــل ومتغيرات لعبت دورًا بارزًا في مراجعة أطر وقادة الحركة، للكثير من مقولتهم المرجعية ولنظرتهم لذاتهم التنظيمية، ولدورهم داخل العملية السياسية. وفــق ذلك، ينتج عن مشــاركة الحركة فــي العملية السياســية والحياة الحزبية والمنافســة النتخابية، ديناميات داخلية وتغييرات فــي زوايا النظر، عبر فرز تقديرات تســتحضر حســابات المكاســب والخســائر في أهداف الحركة، يجعل هذه الأخيرة عرضة للتحول والتغير والتطور، في بنيتها الأيديولوجية وممارســاتها السياسية. فكلما اندمجت الحركة في بيئتها السياسية توجهت نحو تبني الخيارات الديمقراطية، والتخلي عن مرجعياتها التقليدية. وعليه، فهذه الحركة بدأت كحركة هوياتية تسعى إلى استعادة الذات الإسلامية، ثم تحولت إلى فاعل سياسي يعبّر عن نفسه في إطار حزب سياسي، يســعى إلى تبني مبــادئ التحديث، والعمل في إطار الدولة الوطنية وفق تشــريعاتها وتنظيماتها ومؤسساتها العصرية. وهو ما يؤدي بنا إلى طرح سؤال منهجي؛ حول الكيفية التي يمكن معها استقراء تحولت الحركات الإسلامية، وفق ما يوفره لنا المخزون السوسيولوجي من مقتربات نظرية في تحليل وتفسير عمل الحركات الجتماعية.

11

Made with FlippingBook Online newsletter