الأصول الاجتماعية والفكرية للحركة الإسلامية المغربية سيرورة…

مخاض المراجعات: مسار البحث عن الشرعية ● مرحلة إعادة تشكيل " حركة الشــبيبة الإسلامية " دشــنت القيادات المنفصلة عن الهوية الحركية والمرجعية، بالبحث عن شــرعية قانونية تؤمّن عملها بشــكل رســمي وتحــت واضحة النهار، بدل أســلوب الســرية ونهــج التخفي عن أنظار الســلطات الرسمية؛ وهو ما كانت له تكلفة كبيرة شملت بالأساس مراجعة المنطلقات المرجعية التي كانت تســتمد منها هذه القيادات مرجعيتهــا الفكرية والأيديولوجية؛ الأمر الذي أسفر عن الدخول في مسلسل من المراجعات والنقد الذاتي؛ للتصورات والختيارات والتوجهات السابقة، استمرت لما يزيد عن عشر سنوات من العمل الذي انصبّ على تغيير التصورات ودحض المفاهيم والخطابات التي كانت تميز المرحلة السابقة. فقد انبنى التوجه الجديد على البحث عن شرعية قانونية تضمن للحركة استمرارها حركة " وتقــي أعضائهــا العتقال والمتابعة، فما بين تاريخ الإعــ ن عن القطيعة مع ، ظل 1984 ، إلى حدود أواخر سنة 1982 ، في يناير/كانون الثاني " الشــبيبة الإســ مية عمل المجموعة المنفصلة يرقص على حبلين، حبل السرية وحبل العلنية، وهو ما عاود بالسلطات إلى شن حملات اعتقال مجددًا في صفوفها، لمّا اكتشفت أن حجم الحركة يمتد على ربوع المملكة. لقد " ، قال: " عبد الإله بنكيران " في حديث مع متزعم المجموعة المنفصلة آنذاك تــم إعادة اعتقالنا، بالرغم من البــ غ الأول الذي تم فيه تبيان انقطاعنا التنظيمي عن ، لأنهم اكتشــفوا معطى جديدًا وهو أن تنظيمنا ممتد على " حركة الشــبيبة الإسلامية " المستوى الوطني. سعيت لأقنع المحققين أننا لسنا ضد النظام، لدينا أفكار ندافع عنها، وأحســن طريقة هي اســتيعابنا. بعد بضعة أيام جاؤوني بأوراق صفراء لأكتب عليها هــذا الكلام، ثم بعدها أتوا بأوراق بيضــاء لأعيد كتابته، لأنهم ربما قرروا رفعها إلى . أَخْذُ هذه الشهادة بعين العتبار في عملية التأريخ لتلك الحقبة من تاريخ " المسؤولين الحركة الإسلامية، يضعنا أمام عنصرين للتحليل: أولهــا: أنــه خلال هذه الفترة وبالرغم من عدم اقتنــاع أغلبية أعضاء المجموعة سابقًا، لمّا قام " عبد الإله بنكيران " بجدوى الحوار مع السلطة السياسية، كما أقرّ بذلك، بصياغة البيان الأول إل أن بوادر النضج الحركي نحو النفتاح على السلطة السياسية، بدأت تؤســس لمســار جديد في طريق الحركة، وهو ما يسمى في مقولت الحركات الجتماعية، بتغيير المدركات القديمة لإتاحة الطريق نحو ميلاد مدركات جديدة، حتى يستمر العمل الحركي في الزمان والمكان.

120

Made with FlippingBook Online newsletter