الأصول الاجتماعية والفكرية للحركة الإسلامية المغربية سيرورة…

في السابق إل أنه ضمنيّا وبتفحص دقيق للخطاب الذي تتبنّاه الحركة، يظل استحضار البُعد التقليدي لإقامة الدولة الإسلامية حاضرًا في تمثلات ومدركات الجماعة. ثانيًا: نظرة الحركة للمجتمع؛ إذا كانت في الســابق تأطّرت بكتابات وخطابات المرجعية الإخوانية، التي تذهب إلى تجهيل المجتمع ووســمه بالكفر والطغيان، فإن تحولها قد تجاوز مستويات الصدام مع المجتمع مع الحتفاظ بتوصيف نقدي له يقوم ، كما تناولناه سابقًا، وهو ما يجعل الحركة في مقام استعلائي " النحرافية " على مفهوم عن المجتمع بمختلف مكوناته، وهو أســلوب ينمّ عن فرض الوصاية على المجتمع، ويشكّك في النتقال الكلي نحو الإقرار بالختلاف والتعددية السياسية والأيديولوجية. ثالثًــا: علاقــة الخطــاب الدعوي بالسياســي، فالملاحظ أن هــذا التمازج ظل يفرض ذاته على عمل الحركة وممارســاتها وخطاباتها، وهو ما يتعارض مع القوانين والمشــروعية الدينية للمؤسسة الملكية بالمغرب، التي يرجع لها سلطة احتكار الجمع ما بين السلطة الدينية والسلطة السياسية. فكان توجه الحركة للســعي للانخراط في العمل السياسي، بعد أن أقدمت على ، وفق هذه المعايير التي ظلت عالقة في " حركة الإصلاح والتجديد " تغيير اسمها إلى بناء تصوراتها وتمثلاتها للدولة والمجتمع. ، مجرد " حركة الجماعة الإســ مية " في محصلة ما ســبق؛ يمكن اعتبار مرحلة محطة للمراجعة الفكرية والسياسية بهدف ترميم البناء التنظيمي والتصالح مع مكونات الدولــة والمجتمع، حيث ابتعدت فيها الجماعة عن جميع أشــكال العمل السياســي المباشر، لتخوض نقاشًا داخليّا يمهّد للمرحلة المقبلة. وتتمثل أهم معالم الخط الجديد بتجاوز النزعة الصدامية الستعجالية، ومحاولة فهم تعقيد الواقع الجتماعي والسياســي واعتماد الواقعية العملية، مجسّدة في مبادئ التدرج التي تعني مراعاة الظرف الزماني وســيرورة التحول ومبدأ المشاركة والتفاعل الــذي يعني القبول المبدئي بالواقع السياســي القائم كإطار للعمل وعدم الدخول في صراع جذري مع أي طرف. ثم مبدأ التعاون مع الغير الذي يعني فتح إمكان التحالفات الظرفية والبراغماتية، وبذلك يتبين أن وقع التجربة السياســية الســابقة يتحكم إلى حد بعيــد فــي طبيعة ردّة الفعل الموالية، وكذلك محتوى المراجعات التي أُنجزت، والتي

148

Made with FlippingBook Online newsletter