أحد المتغيرات الرئيسة في ميلاد هذه الحركة، وميلاد سؤال الهوية الثقافية الإسلامية المرتبط عضويّا بنشطاء هذه الحركة. أ. المقتلعون وتأثير دينامية الهجرة لقد كشفت لنا المعطيات التي جرى التوصل إليها في دراسة العينة المختارة من في المئة من أسر هؤلء 80 النشطاء الأوائل لحركة الشبيبة الإسلامية، أن أكثر من نسبة النشطاء ينحدرون من أصول قروية، وهو ما يرجع بالأساس إلى حركة النزياح الكبيرة نحو المدينة التي عرفها المغرب خلال فترة الستعمار الفرنسي، جرّاء سياسة القتلاع والجتثاث التي نهجها المستعمر تجاه الفلاحين الصغار بالضواحي المغربية؛ وذلك كما تناولنا سابقًا عبر سَنّ مجموعة من القوانين والمراسيم، التي تفرض وصاية استعمارية علــى حجم كبير من الأراضي الصالحة للزراعة. حيث اســتطاع أن ينتزع ملكية هذه الأراضي من أصحابها عبر اســتخدام القوة، بالرغم من حجم المقاومة التي لقيها من قبل الأهالي المحليين، إل أن الترسانة العسكرية للمستعمر كانت أقوى وأنجع، فتمكن من بسط يده على هذه الأراضي فأضحى بين ليلة وضحاها يحوز آلف الهكتارات من الأراضي، التي فوّتها لمعمّرين أجانب. بالموازاة مع السياســة الســتعمارية القائمة على الســطو على أراضي الفلاحين المحليين، نهج المســتعمر في ســبيل توطيد وجوده سياســة ثقافية، عبر الســعي إلى تفكيك البنيات التقليدية للمجتمع المغربي، على كافة المستويات المجتمعية القتصادية والجتماعية والثقافية. بدون أرض، – الفلاحــون الأصليون – وهكــذا، أضحــى أصحاب الأراضي فكانت الهجرة نحو المدينة التي استطاع المستعمر أن يقيم بها مصانع ومعامل متجهة نحــو التصديــر، في حاجة إلى اليد العاملة. تحول الفلاحون نحو المدن خصوصًا في مركز الدار البيضاء التي فتحت آفاقًا لأنشطة اقتصادية جديدة. وستلعب هذه الدينامية في الهجرة القروية، إلى تحول البنية المجتمعية بالمغرب؛ إذ بدأت تظهر بالمدن الكبرى مســاحات كبيرة من دور الصفيح وســكان الهوامش، من أصولهم " المجتثّين " والتي كانت من أبرز أســبابها تهميش الفلاحين والمزارعين التقليدية البدوية. وهي الدينامية التي ستستمر حتى وبعد خروج المستعمر من الأراضي المغربية؛ إذ تحولت الأراضي الزراعية إلى ملكية الدولة بعد تصفية تركة الســتعمار
46
Made with FlippingBook Online newsletter