وفق هذا المنظور، تأسســت الســتراتيجية التي على ضوئها سيتم تدبير العلاقة في المغرب خلال عقد " حركة الشــبيبة الإســ مية " بين المجتمع والدولة، وتوجهات السبعينات؛ على خيارين أساسين: أولً: خيــار الرضــوخ وتكييــف المعتقدات مع الواقع القائــم، واعتماد تكتيك إصلاحي في مظهره وتغييري/انقلابي في جوهره، والتجاه نحو سلوك الأفراد والعمل على نشر الدعوة في صفوف الشباب، والتماس الرشد والصلاح عبر الدروس والخطب في بدايتها التأسيسية. " حركة الشبيبة الإسلامية " الموجه لهم في ذلك، وهو ما التمسته أما الخيار الثاني، فهو خيار المواجهة المباشــرة، عبر الســعي للتغيير برفض ما يقوم عليه المجتمع والدولة، والتماس السرية الحركية والعنف سبيً لذلك. وهنا تظهر ، قاموسًــا معبئًا لخلق معنى وإطار " الولء والبراء " و " نصرة الحق " مفــردات الجهاد و للمسار الذي أضحت الحركة تعتمده. وفق ذلك، تجدر الإشــارة إلى أن النتماء إلى الحركة الإسلامية، والتوجه نحو اعتمــاد منحــى راديكالي في مراحلهــا الأولى، يمكن تأويلــه بالرجوع إلى الأصول الجتماعية والثقافية لهذه الحركات، التي تســتمد مشــروعيتها وقوة وجودها، من أنها تعبير حقيقي عن التحولت البنيوية والعميقة، التي تعتري المجتمع في الدولة القُطرية الناتجة عن صدمة الحداثة التي أعقبت الســتعمار، هذه الصدمة التي شــملت آثارها المستويات الثقافية والجتماعية والقتصادية والسياسية، للبنيات التقليدية التي سبقت الستعمار. وعلى الرغم من تعدد هذه المستويات وتعقيدها إل أنها تجسدت أساسًا في المجال السياسي، باعتباره نقطة تماس رئيسة ومجالً للصراع المفتوح بين الإرادات والمصالح المتعارضة للقوى الرأســمالية الغربية من جهــة، وللبنيات والمجتمعات التقليدية من جهة ثانية. فالغرب شــكّل نقطة ارتكاز داخلية تتمثل بالنخب التي ورثت عنه مشــروع التحديث، واســتمدت مشروعيتها من كونها وكيً لضمان استمرار هذه السيرورة، مع . فشكّل بزوغ الحركات الإسلامية ((( ما يعنيه ذلك من احتكار للثقافة والثروة والسلطة أحد الأجوبة الممكنة لمعضلة الهوية في المجتمع التي خلّفها هذا الوضع ويمثل في الوقت نفســه منتوجًا لحالة عدم المعيارية الموجودة داخل المجتمع؛ مما يؤشــر على . 450 ، مصدر سابق،ص الإسلام السياسي ومأزق الحداثة محمد الكوخي وإبراهيم أمهال، (((
85
Made with FlippingBook Online newsletter