الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

توجد بعض الطرق الصوفية، ممثلة في الشيوخ وفي المريدين، التي حاولت أن تقوم بأدوار سياسية ظلت تضيق وتتسع بحسب الهامش الذي تسمح به الأنظمة السياسية القائمة التي أدركت منذ الاستقلال أن الطرق الصوفية تشكّل وسيطًا متميزًا يمكن من خلاله النفاذ إلى شرائح واسعة من المجتمع. وظل الشأن الصوفي يزداد أهمية في أعين الساسة كلما تم تنظيم استحقاق انتخابي؛ حيث يظهر أن المؤسسة الصوفية قادرة على الحشد أكثر من أي حزب سياسي، ومفردات خطابها مسموعة أكثر من مفردات أي خطيب سياسي مهما كان بلاغته وقدرته على التأثير. تعتبــر التجربة السياســية الســنغالية في مجال تدبير الشــأن الصوفي تجربة متميزة لا يضاهيها في قدمها وأســاليبها في هندســة المجال الصوفي إلا التجربة المغربية. وعلى الرغم من كون أول رئيس للســنغال بعد الاســتقلال وهو ليوبولد ) كان مسيحيّا إلا أنه كان 2001 ديســمبر/كانون الأول 20 ســيدار سنغور (توفي من أوائل السياسيين في غرب إفريقيا الذين أدركوا خطورة الطرق الصوفية وضرورة فتح قنوات للتواصل معها. وقد اتســمت السياسية الســنغالية تجاه الطرق الصوفية وعلى رأسها الطريقة ) بأنها 1927 يوليو/تموز 19 المريدية التي أسسها الشيخ أحمد بمبا البكي (توفي تقوم على خطب الســلطة السياســية ودّ شيوخ الطرق علمًا بأن المسلمين يشكلون % والواحد في المئة 4 % من سكان السنغال، بينما يشكّل المسيحيون نسبة 95 نسبة الباقي نســبة اللادينيين. ومع أن الدســتور السنغالي نص صراحة على أن جمهورية السنغال دولة علمانية، وهو مبدأ كثيرًا ما يرد ويجري التذكير به في أدبيات السلطة السياسية، إلا أن للدين الإسلامي في هذا البلد رسوخًا خاصّا تجذّر منذ عدة قرون، وهو إسلام لا يختص بنخبة متعلمة أو مجموعة من الفقهاء ومن يدور في فلكهم من الطلاب، بل إنه يوجد في جميع الطبقات الشعبية وفي جميع جهات البلاد. وفي بلد مثل الســنغال خطت فيه الممارســة الديموقراطية خطوات متقدمة مقارنة بمحيطها الإفريقي، ومع حقيقة انتخابية لا يمكن تجاهلها وهي أن المسلمين % أغلبهم مريدو طرق صوفية ولديهم ولاء غير مشروط لمشايخها، 95 الذين يمثلون

19

Made with FlippingBook Online newsletter