الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

فإن الرؤساء السنغاليين المتعاقبين ظلوا حريصين على التقرب من مشايخ الصوفية بالتظاهر بتقديرهم بل الانتماء لهذه الطرق، كما هي الحال مع الرئيس السابق، عبد الله واد، الذي لم يكن يفوت أية فرصة لإعلان كونه أحد أتباع الطريقة المريدية. ومع أن الرئيس السنغالي الحالي، ماكي صال، الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية كان إبان المرحلة الأولى من عهدته الرئاسية السابقة قد لمّح إلى إضعاف دور هذه الطرق في الحياة السياسية وتحدث عن المشايخ باعتبارهم مواطنين عاديين، فإنه ما لبث أن عاد لزيارة هؤلاء المشــايخ والتودد إليهم. وكان قد أطلق حملته الرئاســية للاســتحقاق الأخير من مدينة طوبى معقل الطريقة الصوفية المريدية. وهناك عدة أســباب تجعل الطرق الصوفية وشيوخها يحظون بمكانة سياسية كبيرة في السنغال وهي: طبعتها المتجانسة، كونها تشكل حماية اجتماعية، وتمثيل يجد فيه السنغالي نفسه، وبهذا أصبحت أهم قوة سياسية في البلد. وفي منطقة المغرب العربي التي تؤثر وتتأثر بمنطقة غرب إفريقيا نجد اهتمام مع الإســ ميين، 2003 الدولــة بالطرق الصوفيــة بدأ في موريتانيا مثً منذ أزمة حيــن بدأ النظــام الموريتاني في الترويج لأن مرجعية الدولة الإســ مية في الفقه هي المذهب المالكي والعقيدة الأشــعرية وتصوفُ الجنيد. وكثيرًا ما أبدت السلطة السياسية في نواكشوط تقربها وتقريبها لبعض الشيوخ الصوفية المحليين. ، بدأت 1999 ومنذ وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الســلطة، ســنة الجزائــر في تقريب الطرق والزوايا بتنظيم ملتقيات دولية للصوفية كملتقى الطريقة القادرية بولاية ورقلة عاصمة الصحراء الجزائرية وملتقى التجانيين الدولي بالوادي جنوب الصحراء. وفُتح المجالُ أمام مشايخ وفعاليات الصوفية في الإعلام الرسمي، كما أطلقت الحكومة قناتين تليفزيونيتين ومحطتين إذاعيتين متخصصتين في نشــر الطرق الصوفية المنتشرة في الجزائر. كما استُحْدث منصب مستشار للرئيس " عقائد " مكلف بالزوايا. ويُعتقد أن الســر وراء هذا الاحتضان للصوفية الطرقية في الجزائر بعد عقود من تهميشــها هو توظيفها أمنيّا وسياســيّا في توازنات السياسة المحلية،

20

Made with FlippingBook Online newsletter