الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

العلاقات الخارجية كانت العلاقات بين الشــيخ أحمد بمبا وشــيوخ القادرية ممتازة بل ظل بعض القادرييــن يعتبــرون المريديين تابعيــن لطريقتهم حتى أعملهم الشــيخ أحمد بمبا باستقلاله، لكن موقف القادريين منه ومن أتباعه ظل حكيما. أمــا العلاقــات التجانية المريديــة فقد بدأت متوترة إذ ظهــر المريديون في الميــدان بنفس الحماس والقوة اللذين زاحم بهما التجانيون قبلهم القادريين. ومع ذلك استمر التعامل بين شيوخ الطريقتين قائما على أساس الأخوة الإسلامية؛ لأن أكثرهم جمع بين العلم والتقوى والزهد في زخارف الدنيا فأيقنوا أن الطريقة وسيلة وليســت هدفا. ولهذا كان يتم بينهم تعاون تربوي نشــط. ومن ذلك أن بعض أبناء المريدين تلقوا العلوم الإسلامية على أيدي شيوخ تجانيين حين كانت مدرسة الشيخ عبد الله سيســي بجامل مركزَ إشــعاع للعلوم الشرعية نهل من معينه لفيف من أهل طوبى. كما درس عدد من التجانيين عند الشيخ محمد ديم بجوربل.

أدوار الطرقفي المجتمع أولا: الطرق والحياة الثقافية

أنشــأ مؤسسو الطرق وناشــروها مدارس للعلوم الشرعية، وكان كبار الشيوخ يتولــون التدريس فيها ويعدون أولادهم لمواصلة العمــل، وكان المتخرجون فيها يقومون بإنشاء مدارس مماثلة في مناطقهم، فانتشر بذلك التعليم الديني. وفي ستينات القرن العشرين، بدأ الشيوخ يرسلون أولادهم إلى جامعات العالم العربي. ثم قام خريجو تلك الجامعات بفتح مدارس في طول البلاد وعرضها، لكنها ظلت تعتمد ماليا على الأجور التي يدفعها أولياء أمور الطلبة. ولما كان أكثر هؤلاء فقــراء، كان من الطبيعي أن تكــون الموارد منخفضة، الأمر الذي جعلها غير كافية لتغطيــة نفقات المدارس. ورغم ذلك، أضيفت إليها المرحلتان الإعدادية والثانوية. بل امتاز بعض المعاهد لجدية القائمين عليها وإخلاصهم وتفرغهم لها. ومنها على

39

Made with FlippingBook Online newsletter