2020 عام الأزمات

وتربطها باليونان الرابطة الأرثوذكســية، موقفًا غير منحاز لأي من الجانبين، حتى الآن على الأقل. والواضح أن روســيا تأمل، بصبر طويل، أن تنتهي تركيا إلى الخروج من الناتو. وكذلك التزمت بريطانيا، التي ترى في تركيا شريكًا اقتصاديًا رئيسيّا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، موقفًا حياديًا من الأزمة. ميزان قوى جديد أربعة اتجاهات ســتدفع النزاع إلى التهدئة أو ربما التســوية وإن كانت جزئية في : موازين القوى بين الأطراف المتنازعة، وفوز بايدن برئاســة الولايات المتحدة 2021 الأميركية، وموازين القوى داخل الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا بعد البريكســيت. فتركيا اليوم تتفوق على اليونان بكل المقاييس، اقتصاديًا، وبشريًا، وجيشًا وبحرية، وتسلحًا. وبعد أن اكتشــفت تركيا حقً متوسط الحجم للغاز في منطقتها الاقتصادية في البحر الأسود، يقدر احتياطيّه على سدّ حاجة تركيا من الغاز لأكثر من ست سنوات، يمكن لأنقرة أن تســتمر في فرض أمر واقع يســتند إلى تصورها لحدودها البحرية، واتباع سياســة النّفَس الطويل، إلى أن تقتنع أثينا بالذهاب إلى قاعة التفاوض بدون شــروط مسبقة. اليونان، التي تدرك حقيقة ميزان القوى، تسعى إلى تحالفات أوسع لمواجهة الأمر الواقع التركي. ولكن الواضح أن عدد حلفاء اليونان في تناقص وليس في ازدياد. لا مصر ولا إســرائيل ترغبان في مواجهة تركيا أو في تصعيد مســتوى التوتر معها، ليس لأن نظرة أيهما لأنقرة تغيرت، بل لحســابات براغماتية بحتة. كما يوجد شــكّ كبير، بالرغم من اللغة بالغة الاستفزاز التي تستخدمها باريس، في أن فرنسا يمكن أن تخوض مواجهة مباشرة مع تركيا، سيما أن مؤسسة دولية واحدة لا يمكن أن تجد مسوغًا واحدًا لمحاولة فرنسا صناعة دور وموقع لها في شرق المتوسط. تعهّد جو بايدن بتنشــيط المؤسســات متعددة الأطراف، وتقع في قلبها بالنســبة للأمن الأميركي، مؤسســة الحلف الأطلســي التي شــنّ عليها الرئيس السابق، دونالد ترامب، هجمات متتالية أضعفت مصداقيتها وتماســكها. وسيكون نزاع تركيا من جهة واليونان وفرنســا من جهة أخرى المحك الرئيســي لقدرة بايــدن على إعادة الحيوية للحلف الأطلسي. وقد أظهرت حادثة الاحتكاك المشار إليها سابقًا بين البحرية التركية والفرنســية، أن الحلف لم يصطف مع فرنســا كما كانت تريد، أصاب ماكرون بخيبة،

46

Made with FlippingBook Online newsletter