123 |
االتصال والثقافة، يقوم على الجمع بين نقد االقتصاد السياســي لوســائل االتصال، وتحليل النصوص، ودراسة اآلثار االجتماعية للثقافة الجماهيرية واإلعالم. ويُضاف إلى هاتين المدرســتين المدرســة البنيوية التي تقوم على دراســة العالقات المتبادلة بين العناصر األساسية المكونة لبنى يمكن أن تكون: عقلية مجردة، لغوية، اجتماعيــة، ثقافية، وبالتالــي فإن البنيوية تصف مجموعة نظريــات مطبقة في علوم ومجــاالت مختلفــة، لكن ما يجمــع هذه النظريات هو تأكيدهــا على أن العالقات البنيويــة بين المصطلحات تختلف حســب اللغة والثقافة، وأن هذه العالقات البنيوية بين المكونات واالصطالحات يمكن كشــفها ودراستها. وفي مجال االتصال، تسعى هــذه المدرســة إلى فهــم وإدراك المنتــوج االتصالي (النص، الخطــاب، الصورة، اللقطة اإلشــهارية، الفيلم، البرنامج التليفزيوني، األنواع الصحفية المختلفة، العرض المســرحي...) انطالقًــا من الفهم المنبثق من المنتــوج ذاته، فهي ال تتناوله بأحكام مســبقة وآراء جاهزة، بل تتخذه موضوعًا للبحث للكشــف عن العالقات الخفية بين عناصره. فالبنيوية تســمح بفهم واقع وســائل االتصال والتعامل مع منتوجها ضمن .) 6 أوضاع إنتاجه( وقد ســاعدت بحوث االتصال التي ازدهرت منذ أوائل القرن الماضي في الواليات المتحــدة والغــرب عمومًا، والتي تمحورت حول هذه المدارس، على تطوير ميادين علم االتصال وبلورة نظرياته؛ حيث أخذت هذه األبحاث في بداياتها منحًى فلســفيًّا ووصفيًّا في محاولة لتكوين مفاهيم أساسية لهذا العلم الحديث، ثم تطورت األبحاث إلى مراحل متقدمة ولجت الميدان بتطبيق أساليب جديدة قائمة على التجريب. وتميزت بحوث االتصال منذ انطالقتها األولى بالتوجه الســيكولوجي والسيكولوجي االجتماعــي، والزم هــذا التوجه تاريخها الطبيعي واألحداث الكبرى التي شــهدتها تلك المرحلة، وعجَّلت بإيجاد مناهج وتقنيات جديدة لفهم وتفســير دور وســائل االتصال ومكانتها في المجتمع، وأسست لبروز اتجاه سمح بتجاوز قصور انطباعات المعرفــة العلمية واألفــكار التأملية والنمطية النظرية في تفســير الظاهرة االتصالية. وفي بداية الخمســينات، بدأت هذه البحوث بتوجهها األميركي تشــق طريقها نحو أوروبا بمصطلحاتها: الجمهور (المتلقي)، والتأثيرات والوظائف التي كانت مؤشــرًا لالهتمامات األميركية والتي انحصرت في دراسة محتويات وسائل اإلعالم الجماهيرية )، وعالمي Paul Lazarsfeld مــن حيث الوظائف. ويُعد كل من بول الزارســفيلد (
Made with FlippingBook Online newsletter