مجلة لباب العدد 8

111 |

رؤية جمال حمدان للجغرافيا السياسية الليبية ودلالاتها الاستراتيجية الباقية

احتلـت إيطاليـا ليبيـا ضمـن تفاهـم علـى اقتسـام الغنائـم وتقاسـم النفـوذ مـع فرنسـا؛ ، علـى إطـ ق يـد الأولـى فـي تونـس مقابـل 1902 فـ”اتفقـت فرنسـا وإيطاليـا، فـي ). ولـم تكـن بريطانيـا بعيـدة عـن هـذه التفاهمـات، 82(” إطـ ق يـد الثانيـة فـي ليبيـا ــا- مــع فرنســا علــى اســتئثار الأولــى بمصــر، والثانيــة ً وهــي التــي اتفقــت -ضمن بغالبيـة المغـرب العربـي. لكـن ليبيـا العثمانيـة آنـذاك بقيـت منطقـة “فـراغ إمبريالـي” ا بــن المســتعمرات البريطانيــة شــرقها، والمســتعمرات الفرنســية غربهــا، ً وحاجــز ـا ً ). ولـم يكـن تداعـي الأمم دائم 83( فمنحهـا المسـتعمران لمسـتعمر ثالـث، هـو إيطاليـا ـة. َ رهف ُ ا بالنسـبة إلـى ليبيـا، كمـا لاحـظ حمـدان بحاسـته الاسـتراتيجية الم ً ا سـيئ ً أمـر ـا إلـى ثغـرة فـي الطريـق المسـدود، ً هم أحيان ُ المسـتعمرين وجشـع ُ ل تنافـس َّ فقـد تحـو س ـاعدت الليبي ـن عل ـى المن ـاورة السياس ـية لصـالح التح ـرر م ـن ربق ـة الاس ـتعمار، والمحافظـة عل ـى وحـدة بلدهـم مـن التقسـيم الجغرافـي وتقاسـم النفـوذ. باتف ـاق ب ـن الق ـوى الاس ـتعمارية، مراع ـاة للت ـوازن َّ ف ـإذا كان احت ـ ل ليبي ـا ق ـد تم بســبب َّ بــن أطمــاع تلــك القــوى فــي الإقليــم كلــه، فــإن اســتقلال ليبيــا قــد تم “الحرمـان المتبـادل” بـن تلـك القـوى؛ حيـث عجـزت بريطانيـا وإيطاليـا وفرنسـا عـن الاتف ـاق عل ـى تقاسـم الأرض الليبي ـة، وتقسـيمها إل ـى دوي ـ ت تسـير ف ـي فلكهـا: ). وقــد لاحــظ حمــدان 84( برقــة لبريطانيــا، وطرابلــس لإيطاليــا، وفــزان لفرنســا هـذه المفارقـة فكتـب: “مـن الحقائـق الجيوبوليتيكيـة المثيـرة واللافتـة أن ليبيـا، كمـا للعبـة القـوى، حصلـت علـى اسـتقلالها في ً وقعـت -فـي البدايـة- للاسـتعمار نتيجـة النهاي ـة بفضـل صـراع القـوى. والفـارق ب ـن الحالت ـن هـو التواطـؤ والاتفـاق عل ـى تقاسـم الجائـزة الاسـتعمارية فـي الأولـى، والتضـارب والعجـز عـن الاتفـاق إلـى حـد .)85(” الحرمـان المتب ـادل فـي الثاني ـة

Made with FlippingBook Online newsletter