| 46
من شــأنها أن تُخِل بالتوازنات السياســية. ويمكن تفسير ذلك بغياب معايير محددة ودقيقة في عملية التقطيع االنتخابي، الذي يجب أن يقوم على المساواة بين الناخبين حسب عدد السكان، وأن يكون صوت ناخب ما مساويًا لصوت ناخب آخر، انطالقًا بالشــكل الذي ال يؤدي في تحديد " شــخص واحد صوت واحد " من المبدأ األممي .) 19 الدوائر االنتخابية إلى خلق تفاوت في توزيع الناخبين...( فما فتئت السلطات اإلدارية تعتمد في تقطيع الدوائر االنتخابية مخطط تشتيت الجسم االنتخابي عن طريق ضم جزء من دائرة يكون فيها نفوذ شــعبي لمرشــح المعارضة لدائــرة المرشــح الموالي للســلطة؛ مما يولِّد عزوفًا شــعبيًّا عــن العملية االنتخابية المرشــحين عن دوائرهم؛ األمر الذي يمس جوهر وغاية لشــعور المواطنين ببرانية التمثيلية السياسية؛ ألن عملية التقطيع االنتخابي هي من العناصر الرئيسية في نجاعة االنتخابات الديمقراطية. . االنتخابات التشريعية وآفاق االنتقال الديمقارطي في المغرب 2 انتهينا في المحور السابق إلى وجود محددات بنيوية للفعل االنتخابي المغربي، تؤثر جوهريًّا في مخرجات العملية االنتخابية وفي فعالية ووظيفة االنتخابات برمتها. وتُعد هذه المحددات من الثوابت في صنع اللحظة االنتخابية بالمغرب، فتارة تُستخدم آلية إلبعاد التيارات والحقول المضادة للنظام الرسمي، وتارة تفسح في المجال للتنافس على المراكز االنتخابية، فســاد االقتناع بأن النزاهة االنتخابية في ظل البيئة الخاصة للنظام السياسي المغربي تخدم شرعية السلطوية وتكرس استمراريتها. . مظاهر السلطوية االنتخابية: الثابت والمتحول 1.2 تحيل السلطوية االنتخابية على النسق السياسي الذي يتيح تعدد الفاعلين السياسيين، وإجــراء االنتخابــات والحفاظ على دوريتها، وســ مة العمليــة االنتخابية بضمان تنافســيتها، لكــن رغم ذلك ال تــؤدي االنتخابات إلى تداول على الســلطة ومراكز القرار، بل تسهم في الحفاظ على استقرار السلطة واستمرارها بأيدي فاعلين مركزيين. فهل تعبِّر هذه اآللية عن حالة االنتخابات في المغرب؟ وإلى أي حد استطاع النظام السياسي المغربي التحرر من مظاهر السلطوية في تدبير اللحظة االنتخابية؟
Made with FlippingBook Online newsletter