الحديثــة واقعًا لا يمكن القفــز عليه، ومعطى جديدًا لا يمكن إلا العمل على تكييف . وهو قول يؤكد تعامل الإســ ميين مع ((( النظريات والاجتهادات الفقهية لتتلاءم معه الدولــة الحديثة وفــق فقه الضرورة، على اعتبار أن هــذه الأخيرة واقع مفروض، لا منــاص من التأقلــم معه، ومن تم يقترح العثماني تكييف الدين مع الدولة، من خلال إنشــاء اجتهادات توفيقية، خاصة وأن مرونة الإســ م تتقبل ذلك التوفيق، وهو ما عبر عنه سعد الدين العثماني بإقراره أن «ما يساعد على ذلك أن مفاهيم عديدة مثل السيادة والشورى والعدالة والمساواة قد شكّلت أسسًا ذات قيمة عليا في تصور «الدولة» لدى المســلمين، وشكّلت إنجازات للفكر السياسي الإنســاني. وهكذا، فإن الأمر يقتضي إبــداع اجتهادات تتأطّر بتلك المبادئ والمقاصد، وتســتفيد في الوقت ذاته من الفكر . وهنا، يظهر جليّا النهج البراغماتي لدى الإســ ميين، والذي ((( السياســي الحديث» يتوخى تســخير الدين لإضفاء المشــروعية على الدولة الحديثة، بعد أن كان الهدف تسخير الدولة الحديثة لخدمة الدين. ويمكــن أن نضيف لهــذه المواقف المؤيدة للدولة الحديثــة موقف فقيه حركة «التوحيد والإصلاح» وأحد أكبر منظّريها، ويتعلق الأمر بأحمد الريســوني الذي ينوه بإيجابيات الدولة الحديثة، ويرى أنها مصطلح فضفاض، يتسع لعدة أنماط من الدول وأنظمة الحكم، ولكن عادة حين يُذكَر المصطلح في ســياق موضوعي، وفي ســياق المــدح والتنويه، فالمراد به غالبًا: الدولة القائمة على شــرعية انتخابية، وتســير وفق دســتور مصادَق عليه شــعبيّا، وقوانين معتمدة ديمقراطيّا، ولها مؤسســات حكم ذات مشروعية ومصداقية، ويتمتع الناس فيها بكرامتهم وحقوقهم وحرياتهم ومشاركتهم في تدبير شــؤون البلاد، كما أنها تمثل -حســب الريسوني- تقدمًا وترقيًا وتحضرًا، يتوج مســارًا طويً من التجارب والتطورات البشــرية في أنماط الحكم. وهي تمثل أفضل صيغة عملية للخروج -ولو النســبي- من الاســتبداد والتحكم الفردي أو الفئوي... فوجــود رقعــة جغرافية محددة ومعترف بها لكل دولة، هو عنصر من عناصر الســلم والاستقرار والتعايش الدولي، ولكن على شرط ألا يكون ذلك مفروضًا بالقوة والغلبة، العثماني، سعد الدين، الدولة المدنية في ظل مقاصد الشريعة، الموقع الرسمي لسعد الدين العثماني، ((( http :// www . fassael . ma / index ( الرابط: . 2016 سبتمبر/أيلول 20 ) تاريخ الدخول 2014 أكتوبر php / 2015 المرجع السابق. (((
40
Made with FlippingBook Online newsletter