الإسلام؛ فقيمتها ضعيفة، وتأثيرها محدود -حسب الريسوني-. وموقف الريسوني من الدولة هنا يتناقض مع ما تم إدراجه في ميثاق الحركة لسنة ، والذي ورد فيه «إن الإسلام عقيدة وعبادة وأنظمة حياة، وهذه الأنظمة تحتاج 1998 إلى دولة تتبناها وتترجمها إلى سياســات عامة يقوم على تنفيذها مختصون يعرفونها . فالدولة بذلك هي الكيان المركزي المنظم للأمة أو المجتمع، وهي ((( ويؤمنــون بها» الساهرة على الشؤون الدينية، ولا ذكر لدور المجتمع. مما يعبّر عن قيام رواد حركة «التوحيــد والإصــ ح» بمراجعات مهمة تنحو باتجاه منح الســلطة الدينية للمجتمع، وإبعادها عن الدولة؛ وهو ما أقره الريسوني بشكل صريح عندما أكد عجز الدولة عن . ((( حماية الدين، وإمكانية استبدادها باسمه غير أن الملاحظ لدى أحمد الريســوني هو عدم تدقيقه لمصطلح «الأمة» الذي اعتمده في المقارنة مع الدولة؛ حيث شابه بعض اللبس، لأنه قصد به «عموم المسلمين وكافتهم، المؤمنين بالله ربّا واحدًا لا شــريك له، وبمحمد رســوً ونبيّا لا نبي بعده، . ومفهوم الأمة هنا ينســجم مع المفهوم ((( وبالإســ م دينًا جامعًا لا دين حقّا ســواه» القرآني، الذي يتوجه لكافة المســلمين، كما ينســجم مع حكم «الخلافة» الذي يسود الأمة ولا ينســجم مع كيان الدولة الحديثة، التي ينتقدها الريســوني، ويعتبرها مهمّشة لدور الأمة. لأن المفهوم إذا اعتمدناه بمعناه الحديث فســيحيل إلى الأمة التي تشكّل الدولــة بحيث تعبر عن كيــان ثقافي، أو جماعة معينة تقطن في أرض محددة تربطها أواصر مشتركة، وهو ما يسمى بالدولة-الأمة ذات السيادة. ولعل هذا الخلط بين المصطلحات له دلالته، حيث يؤشــر اعتماد مفهوم الأمة القرآني، على ســيطرة حلم الوحدة بين المســلمين على رواد هذه الحركة الإســ مية رغم قبولهم بالدولة الحديثة كأمر واقع، وككيان سياسي تحققت معه عدة مكتسبات. فالتعريف الذي أدرجه الريســوني للأمة لا يمت بأية صلة للدولة الحديثة التي ينتقد اســتبدادها؛ الأمر الذي يســتدعي من رواد هذا التيار تحديد المصطلحات، وتوظيفها في مجالها الخاص بها، لبناء رؤية واضحة، وتأسيس تصور منسجم، يتقدم بالخطاب الإسلامي إلى الأمام. . 46 )،ص 1998 حركة «التوحيد والإصلاح»، ميثاق حركة التوحيد والإصلاح، (طوب بريس، السنة ((( . 20 _ 17 الريسوني، «الأمة هي الأصل»،صص ((( . 10 - 9 المرجع السابق،صص (((
44
Made with FlippingBook Online newsletter