بالمقابل، اتجهت الحركة للدفاع عن «الدولة الحديثة» ومكاسبها السياسية، دون إقرارها استنساخ النموذج بحذافيره. فالدولة المنشودة لا تماثل الدولة الحديثة بشكلها الغربي، ولا تضاهي النموذج التقليدي الممثل في شكل «حكم الخلافة»، بل هي إبداع سياسي جديــد، وهو ما أكده ســعد الدين العثماني بقوله: «إن النموذج الســلطاني التاريخي للدولــة ليس هو الصورة المطلوبة من المســلمين، وإنمــا عليهم إبداع نموذج يتوافق ، وهو نموذج دولة جديد، يقارب ((( وحاجياتهم وتطورات مجتمعهم وظروف عصرهم» الدولة الحديثة ويتجاوزها في الآن نفســه، إنها دولة تستمد مشروعيتها من الاستجابة لحاجات الأمة، «يعني قيامها رهين بقدرتها على حماية الدين، وإعزاز أمة الإســ م، وبمعنى آخر، أنها دولة مدنية، ذات مشروعية شعبية، مكلفة بحماية دين الأمة، كما أن . هنا، يظهر ((( الدولة الوطنية الحديثة، دولة مكلفة بحماية الوطن والدفاع عن مصالحة» جليّا أن الدولة الحلم، ليست الدولة الحديثة ذات النشأة الغربية، لأن مشروعية الدولة لدى رواد «حركة التوحيد والإصلاح» تُستمد من حمايتها الدين، وإعزاز أمة الإسلام. والدولة المنشــودة، لدى حركة «التوحيد والإصلاح» ليســت استنساخًا لتجربة الدولة الحديثة الغربية، بل تستفيد منها فقط في بناء نموذجها الجديد، نظرًا لإنجازاتها السياســية المتميزة، حيث قدمت هذه الدولة -حســب ســعد الدين العثماني- الكثير «لاســتقرار شعوبها وعقلنة إسهامها في تسيير شؤونها، والقراءة المتفحصة والمتفهمة للتجربة السياسية الغربية تمكّننا من إبداع نموذج يحقق الانسجام بين الشرعي والوضعي، ، فالمطلوب إذن ((( ويســتجيب لحاجياتنا الخاصة ويمكّن من إنجاز التوافقات حولها» إبداع نموذج مختلف يحضر فيه التوفيق بين الجانب الشرعي والقوانين الوضعية، ما دام النظام السياسي «الذي يبنيه المسلمون هو بناء بشري اجتهادي يبدعونه وفق ظروفهم وحاجتهم، وهو بناء محايد في أصله، يمكن أن يتقاسموه مع غير المسلمين من الوطن . لكن هذا البناء رغم حريته ونسبيته، ((( نفسه، أو يقتسموا نموذجه مع مجتمعات أخرى» 31 العثماني، الدين والسياسة تمييز لا فصل، مرجع سابق،ص ((( . 33 المرجع السابق،ص ((( سبتمبر/أيلول 11 العثماني، سعد الدين، الإسلام والدولة المدنية، نقً عن جريدة التجديد، ((( https :// www . maghress . com ) الرابط: / 2015 مايو/أيار 25 ، مغرس، (تاريخ الدخول، 2008 attajdid / 44037 سعد الدين العثماني، الدولة المدنية في ظل مقاصد الشريعة، الموقع الرسمي لسعد الدين العثماني، (((
46
Made with FlippingBook Online newsletter