159 |
ويكثف موضوع الدراسة الإشكاليات الفرعية في هذا الحقل الاستفهامي: هل اعتراف الدستور بالإسلم دينًا للدولة يتضمن حماية نشطة لوجود وممارسة الدين؟ وما شكل الحماية التي يُقرّرها الدستور للدين؟ هل هي حماية لوحدة الدين أم حماية للحرية الدينية؟ كيف تتمظهر الحماية الدستورية للدين في ظل عدم الحياد الديني للدولة؟ وما حدود هذه الحماية؟ وكيف يجيب الدستور تنصيصًا وتأويلً وتنزيلً عن الجدل بين ترحيل الدين إلى المجال الخاص أو تعبير الدين عن الحياة العامة؟ وهل حراسة الدولة للدين هي مدخل للتوظيف السياسي للدين؟ وما الآليات المؤسسية والقانونية المسخرة لذلك؟ . إطار نظري ومنهجي 1 ســيكون الغرض من هذا المبحث التمهيدي محدودًا؛ إذ يهدف إلى تقديم نبذة عن الأدبيــات المحيطة بالجدل حول علقة الدين والدولة في ضوء النظام الدســتوري، وتحديدًا علقة الملكية بالدستور، وكيف تؤثر على دراسة الدين والسياسة والمجتمع. في حقبة ما قبل استعمار المغرب، كان الإسلم هو الأساس الوحيد لحكم سلطان شهد " البلد. لكن بعد الاســتقلل حيث تحولت الســلطنة إلى مملكة، وحتى الآن، ): السلطة التقليدية 2 ( " المغرب علقة تكافلية ملحوظة بين نظامين مختلفين للســلطة للسلطان كزعيم ديني للدولة، والملك كرئيس للدولة الحديثة في المغرب. الأولى هي وظيفة للتطور التاريخي للسلطة المخزنية مُشْبَعَة بشرعية رمزية متجذرة في الإسلم، .) 3 في حين أن الأخيرة هي نتاج ثانوي للإرث الاستعماري الفرنسي في المغرب( فقد حافظت السلطة المخزنية على هياكلها السياسية التقليدية اللزمة لإضفاء الشرعية عليها. وفي الوقت نفســه، قامت بإصلح مؤسســاتها نحو إدارة حديثة داخل ملكية دستورية للواجهة. من الناحية الرمزية، يتم تصنيف الإسلم ضمن الأشكال المختلفة لشرعية السلطة الملكية؛ حيث الملك هو الإمام، ومفهوم الإمامة أو الخلفة يتأسس تاريخيّا بمفهوم القيادة السياســية للجماعة " بنــاء على مفهــوم الأمة، الذي ارتبــط )، والذي يدمج في تعريفه هذا من منطلــق ديني، منطلقًا علمانيّا أيضًا 4 ( " المســلمة بوصف الأمة كنموذج مدني للقومية، أي ينظر إلى الأمة كجماعة سياســية وجماعة اجتماعية في نفس الآن. إن إعادة اختراع الأيديولوجيا السلطانية التي تقوم على المماثلة بين الحاكم والإله، والتي خضع لها المغرب في العهد الاستعماري، لم تحل بعده في مرحلة الاستقلل
Made with FlippingBook Online newsletter