القتصــادي والجتماعي لهــؤلء النتحاريين، فكلهم تقريبًا ينتمــون لنفس المناطق المهمشة في مدينة البيضاء وكانوا دون سن الثلاثين أثناء تنفيذ العمليات، فإنهم أيضا تعبير عن حالة الختناق السياسي التي عرفها البلد، بالرغم من الإصلاحات الشكلية. ومن هنا، فإنه يمكن اعتبار تفجيرات الدار البيضاء تعبيرًا عن تحولت عميقة مسّــت عن حالة الحتجاج على الإقصاء الجتماعي " انفجاريّا " المجتمــع المغربي، وتعبيًــرا واليأس التي أصابت فئة من الشــباب. لم يكن الفقر يشكّل العامل الوحيد الذي حفز هؤلء النتحاريين، بقدر ما كان عامل الإحســاس بالتهميش والغتراب عن المجتمع هو التعبير الأدق عن حوافز النتحاريين للقيام بتلك الأعمال. وكانت التفجيرات بمنزلة ضمن سلســلة من الأحداث الصغيرة التي لم تثر اهتمام الرأي " عنفًا " اللحظة الأكثر العام، رغم أن مســارها التصاعدي كان ينبئ بتغيرات في اتجاه الراديكالية والتطرف. ومــن هنا، ل ينبغي إغفال الأبعاد القتصادية والسياســية عن تحليل ظاهرة التطرف، ويمكن أن تنســحب هذه الملاحظة أيضًا على الدول العربية التي تعاني من مشــاكل مشابهة. والحقيقة أن الســلطات لم تنتبه إلى هذه التحولت العميقة التي عاشــها التيار بالدار البيضاء، حيث شــدّدت 2003 مايو/أيار 16 الجهادي إل بعد وقوع تفجيرات السلطات قبضتها الأمنية على الجماعات الإسلامية المعتدلة والمتشددة، وعملت على إطلاق مشاريع للتنمية القتصادية في المناطق المهمشة وانتبهت إلى الفراغ الذي حصل على مســتوى قنوات التأطير الديني وعملت على إعادة صياغة سياســتها الدينية عبر مشروع " توسيع دائرة نفوذها في هذا المجال عبر تبني سياسة دينية جديدة أطلق عليه يهدف إلى مأسسة هذا المجال وضمه لمجال نفوذ الدولة " إعادة هيكلة الحقل الديني وسيطرتها وكذا احتكار الرمزية الدينية في يد الملك باعتباره أميرًا للمؤمنين. ونتيجــة الضغوط الأمنية على التيار الجهــادي داخليّا، التحق عدد من المغاربة نحو بؤر التوتر في الخارج. بشكل أقل في الجزائر وبعض الدول الإفريقية مثل مالي، كان له تأثير لفت على التيارات الســلفية 2003 ولكن الغزو الأميركي للعراق ســنة الجهاديــة بالمغرب بحيث زودها ببنية فرص للتعبئــة للفكرة الجهادية وأعطاها دفعة جديدة. لقد كان غزو العراق نقطة تحول في الجهادية العالمية وأســهم بشــكل رئيس في تعبئة الجهاديين للقتال ضمن الجماعات الإســ مية المسلحة هناك وشكّل الملاذ الآمن الذي استقطب جيً جديدًا من الجهاديين.
191
Made with FlippingBook Online newsletter