وقد أدّى انسحاب سوريا من لبنان في نفس السّنة إلى تراجع نفوذها في المعادلة الّلبنانية وتزايد التحدّيات الجيوسياســية أمام سياساتها اإلقليمية. وازدادت تلك التحدّيــات مــع موجة الثّورات العربية التي شــملتها من ضمن عدد من الدّول العربية. في المقابل، تعزّز دور إيران لبنانيّا وإقليميّا واتّســع مع اتّســاع دائرة حلفائها في المنطقة، وعلى رأسهم حزب الله. تجلّى ذلك الّدور خاصّة في السّاحة السّورية حيث تزايد تأثير طهران على القرار السّياسي والعسكري في دمشق. فقد أصبح حزب الله، بوصفه كيانا لبنانيّا، وفي الوقت ذاته أداة رئيســيّة في تنفيذ سياســتها اإلقليمية، يشكّل تحدّيا لعالقات لبنان مع محيطه العربي والدّولي. وبات مح ّل لتقاطع النّزاعات اإلقليمية المتّصلة بإيران، ســواء في سوريا أو غيرها. وسيبقى النّــزاع على وظيفة حزب الله األمنية والعســكرية محلّيا وإقليميّا أحد أســباب التّوتّــر في لبنان، وعامال أساســيا في تمديد أمد أزمته. وكان ســ ح الحزب، مفتاح وظيفته العســكرية، محل نقاش لم يكتمل على طاولة حوار لبنانية تحت . ومع أن الحــزب ال يرفض، من حيث المبدأ، " االســتراتيجية الدفاعية " عنــوان النّقاش حول دور ســ حه وحدود اســتخدامه، إال أنّه يضع ذلك ضمن ســياق تطوير النّظام الّلبناني، وليس بالخضوع للنّظام الحالي. جدير بالذكر أن المبادرة الفرنسية لتحييد لبنان عن نزاعات اإلقليم بعد انفجار بيروت قد فشلت، وال يبدو أن هذا التحييد سيتحقّق في المستقبل المنظور. وتكمن خطورة هذا التحدّي في كونه مدخال ضروريّا ألي جهد دولي أو عربي لمساعدة لبنان. وأي مبادرة لحل أزمة البالد المتفاقمة سياسيّا واقتصاديّا ينبغي أن تبدأ بمعالجة هذا التحدّي، ألن دور حزب الله المتعاظم قد أصبح مقلقا للجميع. تصــدّع اتّفــاق الطائف: جــاء الطّائف من أجل إيقاف الحــرب الّلبنانية وإعادة تأســيس الدّولة، وكان حل الميليشــيات من أبرز عناوينه. ولكن، بعد أكثر من ثالثين عاما على توقيع االتّفاق، يجد لبنان نفسه على حافّة االنهيار، بمؤسّسات سياسية متشظّية واقتصاد معطّل وفوضى أمنية قد تؤدّي مجدّدا إلى حرب أهليّة، ال سيما مع تعاظم دور سالح حزب الله الذي أصبح أقوى من سالح الدّولة. وأي معالجة لهذا الوضع تفترض الذّهاب إلى مؤتمر تأسيسي جديد، بغض النّظر
145
Made with FlippingBook Online newsletter