التقرير الاستراتيجي 2022 - 2023

أضــاف إليهــا تعقيدات جديدة وعمّق من حالة االنقســام التي تعيشــها البالد. فالتدنّي الكبير في نســبة التّصويت، ســواء أكان عزوفا ســلبيا أم مقاطعة فاعلة، رأت فيه المعارضة دليال على عزلة الرئيس ومشروعه، وحجّة كافية لنزع الشّرعية عن الدّســتور وعن النّظام السّياســي الذي ســيقوم على أساســه. ومثلما دعت المعارضة إلى مقاطعة االستفتاء، دعت أيضا إلى مقاطعة انتخابات السّابع عشر ، خاصّة أن القانون االنتخابي الجديد يقصي 2022 من ديســمبر/ كانون األول األحزاب من العملية االنتخابية، فال يسمح لها بترشيح قوائم حزبية وال بتمويلها أو تنظيم حمالت انتخابية لفائدة المرشّحين. ينسجم إقصاء األحزاب السّياسية من العملية االنتخابية مع رؤية قيس سعيّد، الذي يعتبر األطر الحزبية كيانات تجازها الزّمن، وأن التّمثيل السّياســي ينبغي أن ينبع مباشرة من الشعب. لذلك، فإن عضويّة البرلمان الجديد ستقتصر على أصحاب المال والنّفوذ السّياســي واالجتماعي، وقد ضمن عدد من المرشّحين مقاعدهم قبل إجراء االنتخابات، نظرا لغياب منافســين فــي دوائرهم االنتخابية. في ظل برلمان صوري، ودستور يكرّس الحكم الفردي المطلق، ستزداد األزمة السّياسية تفاقما، مع غياب كامل آلليات الرّقابة والتّعديل والتّصحيح والمحاسبة. وستجد المعارضة السّياســية نفســها خارج األطر الطّبيعية لممارسة نشاطها المؤسّسي، تتحرك في مســاحات تضيق باستمرار، وتتعرّض للمضايقات األمنية والمتابعات القضائية بهدف إســكات صوتها ورفع كلفة معارضة النّظام بشكل عام. غير أن األزمة االقتصادية واالجتماعية التي تتّجه نحو المزيد من التّعقيد، ســتظل تمد المعارضة بأسباب النّشاط وتُسهم في توسيع رقعتها وتجذير مطالبها الشّعبية. تفاقم الوضع االقتصادي 25 رغــم الصّبغة االجتماعية لالحتجاجات التي اتُّخِــذت على إثرها إجراءات يوليو/ تموز االستثنائية، إال أن الثمانية عشر شهرا التي تلت تلك اإلجراءات لم تســهم في تحسين أوضاع المحتجّين ولم تضع حدّا لتدهور الوضع االقتصادي الــذي يعانــي أصال من اختالالت هيكلية ومن تداعيــات جائحة كورونا. ومع اندالع الحرب الرّوسية على أوكرانيا تصاعدت حدّة األزمة وتسارعت وتيرتها، فارتفعت أسعار الطّاقة والمواد االستهالكية، وتهاوت قيمة الدّينار، وعجزت الدّولة

166

Made with FlippingBook Online newsletter