التقرير الاستراتيجي 2022 - 2023

والدّولية التي انطلقت فيها عملية السّالم قبل ثالثة عقود تغيرّت كثيرا، وال يبدو أن إنعاش هذه العملية سيكون ممكنا في األفق القريب. فالقضيّة الفلسطينية في الوقت الحالي ليســت على ســلّم أولويّات المجتمع الّدولي، خاصّة مع انشغال واشــنطن بالحرب الرّوســية األوكرانية وتصاعد التّوتّر في بحر الصين الجنوبي وقضايا إقليمية أخرى كالملف النّووي اإليراني. أمّا إسرائيل، فقد ركّزت سياستها إبّان حكم الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو على تطبيع العالقات مع دول عربية في إطار ما سُــمّي حينها بصفقة القرن. وتجاهلت تلك السّياسة خيار التّفاوض مع الفلسطينيين ودفع عملية السّالم إلى األمام. بناء على هذه المعطيات، ســتبقى القضية الفلسطينية عالقة في منزلة بين اثنتين، ) كآلية 2020 ) كإطار مفرغ من محتواه، وصفقــة القرن ( 1993 اتّفــاق أوســلو ( عمليــة تنبني على الحقائق التي فرضتها إســرائيل علــى األرض، وتعتبر األمر الواقع شــرعيّا. ومع الفوز المريح لتحالف نتنياهو، الذي يضم اليمين واليمين المتطرّف في االنتخابات األخيرة، ال يُتوقّع أن تعود عملية السّالم إلى األجندة اإلســرائيلية، بل إن التوجّه سيكون نحو توسيع دائرة التّطبيع ليشمل المزيد من الدّول العربية على حساب البحث عن حل مع الفلسطينيين. مسار التّطبيع وكوابحه تطوّرت في السّــنوات األخيرة مواقف عدد من الدول العربية من إســرائيل في اتّجــاه التّقــارب معها. وقد دفع الوضع الذي نجم عن أحــداث الرّبيع العربي وتفاعالتهــا، بما في ذلك صعود التّيار اإلســ مي خــ ل المراحل االنتقالية، والتمدّد اإليراني في المنطقة العربية وما أحدثه من توتّرات إقليمية، بعض الدّول إلى إعادة ترتيب أولوياتها وتصنيف أصدقائها وخصومها. فتصاعد الخطاب الذي يدعو للتّطبيع مع إسرائيل، مدعوما باتجاه لتعزيز العالقات معها، بل وصل األمر . وتُعد صفقة القرن " الخطر اإليراني " إلى حد الدعوة للتّحالف معها في مواجهة األرضية األســاس التي نهض عليها ذلك الخطاب مســتفيدا من سياسات إدارة تجاه الصراع العربي 2020 و 2017 الرّئيــس األميركي دونالــد ترامب بين عامي التي ضمّت " اتفاقيات أبراهام " اإلســرائيلي. فقد أســفرت تلك السّياســات عن

176

Made with FlippingBook Online newsletter