ديناميات األحالف والبحث عن توازن قوى عالمي جديد عزالدين عبد المولى مقدمة أطلقت الحرب الروســية على أوكرانيا ديناميات سياســية واقتصادية وعسكرية وأمنية على الصّعيد العالمي، وفي مناطق عدّة من العالم. وقد تجلّت بعض تلك الديناميات في حركية غير مسبوقة شهدتها بعض األحالف والتكتّالت اإلقليمية والدّوليــة على جاني الصّراع. ورغم تعدّد تلــك التكتّالت، واختالف طبائعها، وتنــوّع أطرافها، ومســحها ألغلب جغرافية العالــم، إال أن دورها في إحداث التوازن كان محدودا، بل إنهّا كشــفت عــن حقيقة االختالل الهائل في موازين القوى الدّولية. يركّز هذا التحليل على واقع األحالف السياسية والعسكرية التي حركية الفتة تعكس حالــة التوتّر والترقّب وغياب 2022 شــهدت خــ ل العام اليقيــن التي أصبح عليها العالم. صحيح أن الحرب الروســية على أوكرانيا لم تكن سببا في نشأة أحالف جديدة، فهي ذاتها نتيجة لوضع استراتيجي اختل فيه التوازن بين أحالف قديمة. اختل ذلك التّوازن حين انهار حلف وارسو في بداية تســعينات القرن الماضي واختفى من الوجود، بينما ظل حلف شمال األطلسي ) يتوســع شــرقا حتى بلغ حدود روسيا. لم تنشئ هذه الحرب أحالفا NATO ( جديدة، ولكنّها خلقت مناخا تنافسيا جديدا، وبعثت الحياة والحركية في تكتّالت كانت إلى وقت قريب تعيش حالة من الخمول. يرصد هذا التقرير ويحلل الحركية التي بعثتها الحرب الروسية على أوكرانيا في )، منظمة NATO أحالف ومنظّمات إقليمية ودولية أبرزها حلف شمال األطلسي ( )، مجموعة البريكس CSTO )، معاهدة األمن الجماعي ( SCO شانغهاي للتّعاون ( ). تشــترك هذه التكتّالت في ثالثة QUAD )، ورباعي الحوار األمني ( BRICS ( مالمح أساســية، كونها تضم أطراف الصّراع الرئيسية وداعميها المباشرين وغير المباشرين شرقا وغربا؛ كونها، باستثناء الناتو، نشأت بعد نهاية الحرب الباردة في سياق اختالل استراتيجي هائل حفّز القوى الكبرى والوسيطة للبحث عن مظ ّلّت
37
Made with FlippingBook Online newsletter