| 54
العسكرية الرسمية وغير الرسمية أصبحت واقعة حقيقية في النموذج العراقي الحالي، ولعل الحشد الشعبي والفصائل المسلحة (الشيعية والكردية)، فضً عن جهاز مكافحة الإرهــاب، مثــال واضح على ذلك. وهذا بالمجمل يضعنا أمام المقاربة مع النموذج الإيراني، الذي اعتمدته أغلب الأحزاب الشيعية، وهو نموذج يُراد منه تحقيق هدفين: أو ً: الحفاظ على النموذج السياسي القائم، وثانيًا: السيطرة على أي انقلاب أو ثورة أو حركة احتجاج في المستقبل (القريب أو البعيد) من شأنها أن تهدّد النظام السياسي وتقوّض وجوده السياســي والعســكري. وهذان الهدفان لا يمكن تحقيقهما إلا عن طريق ترهل وإهمال المؤسســة العسكرية الرســمية، مما يضع الجماعات اللادولتية بموضع القيادة الأمنية والسياســية؛ الأمر الــذي يُغلق أية عملية بناء أو تنمية دونها، وهذا ما يضع العراق أمام مصدات إقليمية وعدم مقبولية دولية لأية تنمية في البلاد لكونها تؤخذ على أنها تؤدي إلى زيادة نشاط تلك الجماعات. - شيطنة الاحتجاجات الشعبية -واســتمرت 2011 طرحــت حركات الاحتجــاج التي اندلعت في العراق منذ عام التي لا تزال أشكالها 2019 بشــكل متواصل حتى احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول الاحتجاجية مســتمرة حتى الآن- أســئلة كبرى عن عوامل اندلاعها. وقد كشف هذا الانفجار عن أزمة الاغتراب الفكري والروحي والسياسي والاجتماعي البنيوي الشامل بين النظام السياسي والمجتمع. فلحدّ الآن لم يتعرّف المجتمع العراقي على نفسه في هذا النظام، الذي تجاهل كل حقوقه ومقومات التنمية فيه، ولم يعد يشــعر أن هذه عنه، ولم يعد يعرفها إلا في شكلها التسلطي بنظامها " برّاني " الدولة دولته، بل كائن السياســي المقيد والمؤدلج ضد كل حركة احتجاجية تستهدف إصلاح النظام، الذي تتحكّم فيه فئة أوليغارشــية تحتكر الدولة والســلطة، وتختصر طبيعة الاحتجاج طبقًا لمعتقداتها السياســية والأيديولوجية، وبما يتناسب مع تطلعات الجماعات المسلحة والمؤسســات الموازية، التي أضحت اللاعب الأكبر في الدولة والنظام السياســي. وقــد ربطت تلك الجماعات بيــن الاحتجاجات والآراء والقوى المعارضة لها وبين المؤامرات الخارجية التي تســتهدف ســيادة الدولة، والتدخل في شؤونها الداخلية. وأخــذت تنظر إلى كل حركة احتجاجية مخالفة لتوجهاتها الأيديولوجية بأنها مؤامرة خارجية تســتهدف المجتمع وإشــاعة الفوضى من أجل أن تغلق أي نقاش يستهدف
Made with FlippingBook Online newsletter