العدد18

| 122

موقفًــا الفتًــا مَكَّنهم من التقدم والنهوض والصمــود. كان ذلك اعتمادًا على العامل الثقافــي االجتماعي الذي اتخذ مكانة مرجعيــة للتغيير باإلحالة على التراث العربي اإلسالمي أساسًا وليس انطالقًا من الشروط العالمية للرقي والتحرر. التي " اللحاق بركب الحضارة " من تجاوز مقولة " اإلســ م السياســي " بذلك تمكن ذاعت مع التجارب العربية المختلفة في البناء والتنمية القُطريين عقب الحرب العالمية الثانية حتى نهاية الحرب الباردة. بذلك تحول موضوع الهوية إلى ركن أساسي تمكن من " ذات " به اإلســ ميون أن يُرسوا خطابًا نِديًّا يواجه الحضارة المعاصرة بتحول للـ عامل مُندرج في السياق التاريخي العالمي إلى مرجع مستقل عنه. لكن هذا الوضع شهد تغيرًا نوعيًّا بعد انفجار األوضاع الداخلية للنظام العربي، سنة حراكًا ثوريًّا ممتدًّا بتحديات نوعية مركبة " اإلســ م السياســي " ، عندما واجه 2011 دون حصانــة ثقافيــة مميزة. واجه قضايا حيوية من قبيل: عالقة الحكم بالمشــروع الوطني ومقتضياته التنموية، والمجتمع وإســتراتيجيات الواقع، والســيادة الوطنية في منظور الجغرافيا السياســية، مكتفيًا بخطاب للهوية مُســتَقدَم من مرحلة النضال ضد األنظمة القمعية. ذلك لم يعد عنصرًا مقنعًا في ممارســة الحكم للمســاهمة في بناء انتظام سياسي ناجع. في تحديد إجرائي لمفهوم الهوية وفي " اإلســ م السياســي " من ثم توالت تعثرات طبيعتها وهل هي بنية ثابتة ال تتغير وجوهر قار ال يتبدل أم أنها جملة من الخصائص والسمات في تشكُّل وصيرورة دائبين؟ نجم هذا القصور نتيجة فقدان مســتلزمات ثقافة الدولة وما أدى إليه من ضعف من ارتباك اإلســ ميين في اختياراتهم وسياســاتهم ضمن المشهد الوطني العام الخاص باإلنجاز التنموي. امتــد هذا القصور أيضًا لمجاالت متفرعة عــن البنية الحضارية للهوية تناولت قيمة الفــرد المســلم وحاجياته الروحية والعقلية والمادية ضمــن مجتمعه، وهل يتواصل اإلقرار بإعطاء الجماعة والتنظيم األولوية المطلقة فيما تقوم عليه من بناء للمستقبل؟ من هذه التساؤالت تظهر أهمية مسألة الدولة وثقافتها في العالم العربي بما يستدعي الطرح اإلشكالي: هل من المُجدي قيام عمل سياسي حزبي دون ثقافة، أي دون رؤية

Made with FlippingBook Online newsletter