العدد18

| 124

اختيارات وسياســات في عالقة بالمعادالت الداخليــة واإلقليمية والدولية. ذلك ما ســمح بالقول عن اإلســ ميين في الحكم أنهم أصحاب األيدي المرتعشة لكونهم األقل امتالكًا لثقافة الدولة وحسن إدارة شؤونها وقصورها اإلستراتيجي واالجتماعي. يتعلق 2011 المســتوى األخطر للتحديات التي برزت بعد األحداث الثورية لـــسنة في كونه ظاهرة ثقافية اجتماعية وتاريخية. ذلك يعني " اإلسالم السياسي " بخصوصية تاريخيًّا نجمت عما اندرجت فيه مجتمعات جنوب المتوســط " حديثة " أنهــا ظاهرة ونخبه منذ القرن التاســع عشــر في تحديث يرتكز إلى الثقافة األوروبية وباتباع نمط حياتها. األهم في هذا التالزم هو أن حركة التحديث التي ستتوالها النخب العثمانية والتركية والعربية ســتواكبها سياســة تعزيز أوروبي جعلت من التحديث بوابة لهيمنة مفروضة على مجتمعات الجنوب التي انســاقت في اســتالب حضاري واضح. هذه السيرورة ال يستطيع اإلسالميون تجاوزها مهما كانت أفكارهم في األطوار الالحقة. من ثم صارت سمة حداثة اإلسالميين هذه، إشكالية بصورة مركبة: هي تتطلب، أو ًلً، الوعي بها، وهي تدعوهم، ثانيًا، لالســتمداد من المخزون التراثي ما يثري إسهامهم فــي اإلجابة عن األقضية المســتجدة. ثم هي تعنــي، ثالثًا، التحرر من وطأة الحداثة الغربية في الحاجات والقرارات وفيما تعيشه الحداثة من أزمة فكرية وأخالقية فاقمها النموذج المعولم. كيف يمكن لإلســ ميين أن يُوَفـَّــقُوا في التوصل إلى توازنات جديدة يتعدون بها المصالح االســتعمارية وما وقع إرســاؤه من سياســات الهيمنة بعد ذلك في أطوار ) 35 االستقالل الالحق؟( حصيلــة هــذه التحديات جميعًا تقتضي الوعي المركب بأن التحديث القســري كان مدخ ًل لالســتالب الحضاري وأن ســند التحرر منه بالنجاعــة في مجاالت العدالة والتنمية والسيادة وأن صميم التوازنات الفاعلة هو أن السياسة ثقافة أو ال تكون. البعد الثالث والوعي الحضاري وفي عالقة " اإلسالم السياسي " عند إيجاز ما توصل إليه البحث في الطبيعة المركبة لـ هذه الطبيعة بتعثراته في الحكم، يتبين أن مسيرته تواجه تقويضًا لمشروعيته بما يهدده جديًّا باالندثار.

Made with FlippingBook Online newsletter