حضـور الاحتفـالات والأنشـطة الدينيـة جـزءًا أساسـيّا مـن الحيـاة اليوميـة والأسـبوعية وخصوصًـا فـي شـهر رمضـان، لكـن مـع انتشـار فيـروسكورونـا تحولـت العبـادة إلـى علقــة مباشــرة مــع الله دون وســطاء أو دون مشــاركة جماعيــة، ممــا طــرح علينــا تحديـات وأسـئلة جديـدة حـول الديـن والمؤسسـات الدينيـة ودورهـا وموقعهـا فـي حيـاة الإنسـان فـيظـل مـا يجـري، وبالطبـع كان التواصـل عبـر وسـائل الإعـام محاولـة للتعويـضعـن هـذا الانقطـاع، لكنـه فـي الوقـت نفسـه جعـل كل واحـد منـا يلجـأ إلـى العلقـة المباشـرة مـع اللهسـواء مـن خـال القـرآن الكريـم أو الأدعيـة أو الصلـوات. والسـؤال المقلـق الـذي كان يطـرق أذنـي كل يـوم: هـل مـا يجـري عقـاب للبشـرية أو جـرس إنـذار أو مؤامـرة كونيـة؟ وكيـفسـتكون النتائـج المسـتقبلية؟ ولـم يكـن لـدي الجـواب المقنـع والكافـي، وقـد يبقـى هـذا السـؤال مطروحًـا دون جواب. وأمــا الجانــب الآخــر مــن الصــورة فــكان الواقــع الاقتصــادي والاجتماعــي الصعــب فـي بلدن ـا، وخصوصًـا للذي ـن اضطـروا لوقـف أشـغالهم، ول ـم يكـن لديهـم وسـائل أخـرى لتأميـن معيشـتهم، وهـذا ينطبـق أيضًـا علـى بـاد أخـرى. قـد تكـون المبـادرات الاجتماعيــة والتضامنيــة مــع الفقــراء والمحتاجيــن والعاطليــن عــن العمــل خففــت قليـاً مـن الأزمـة، لكنهـا لـن تمنـع الكـوارث القادمـة والتـي لا أحـد يسـتطيع تحديدهـا. وكانــت هنــاك محــاولات فرديــة أو مشــتركة لمواجهــة مــا يجــري عبــر الدعــوة للتضامـن الإنسـاني والتكافـل الاجتماعـي ووقـف الحـروب والصراعـات، وكن ـت أبحـث عـن أي بـاب للأمـل كـي أطرقـه وأعممـه، أو أسـاهم فـي أيـة مبـادرة للتخفيـف مـن الآلام والأوجــاع، لكننــي لــم أوفــق دائمًــا بــل أحيانًــا كنــت أجــد مــن يريــد اســتغلل هـذه الكارثـة للنتقـام أو التشـفي ممـن يختلـف معـه أو لديـه ثـأر قديـم ضـده. كنـت أتمنـى أن تـؤدي هـذه الأزمـة الكبـرى إلـى وعـي إنسـاني جديـد، وأن نحوّلهـا إلـى فرصـة جدي ـدة لبن ـاء العال ـم بشـكل أفضـل، ولقـد ب ـرزت بعـض الأجـواء الإيجابي ـة لكنهـا ل ـم تكـن بمسـتوى الطمـوح والآمـال. وأمــا علــى الصعيــد الشــخصي فكنــت أشــعر يوميّــا، رغــم القلــق والخــوف، بأننــي أولــد مــن جديــد، وأتمنــى أن تحوّلنــي هــذه الأزمــة إلــى شــخص آخــر مختلــف عمــا كنـت عليـه قبـل انتشـار الفيـروس، لا أدري إذا نجحـت أو فشـلت، لكنهـا تجربـة صعبـة عشـناها بشـكل آخـر، إنهـا حـرب صامت ـة ضـد عـدو مجهـول، ولا أحـد ي ـدري كي ـف سـيكون العال ـم بعـد انتهـاء هـذه الحـرب القاسـية؟ وكيـف سـنكون بعدهـا هـذا إذا بقين ـا أحي ـاء.
143
Made with FlippingBook Online newsletter