Together Apart-(A)

كانـت تجلـسعلـى أجمـل الشـواطئ! اسـتلقت علـى السـرير وأغمضـت عينيهـا وتمنـت أن تخـرج بخيـر وسـامة لتـرى أخاهـا تميمًـا مـرة أخـرى قبـل أن يسـافر إلـى لنـدن لتحقيق حلمــه بالدراســة فــي الخــارج. لــم تتوقــع يومًــا بأنهــا ســتمر بموقــف كهــذا. فبعــد أربعـة عشـر يومًـا سـيخرج تميـم للمطـار لتحقيـق حلمـه. كـم تمنـت بـأن تكـون إلـى جانبـه هـذه الفتـرة لتسـاعده فـي توضيـب حقائبـه وتشـاركه شـعوره وفرحتـه. عندمــا انتهــت مــدة الحجــر الصحــي خرجــت مســرعة نحــو المنــزل. وعنــد وصولهــا فـرح تميـم وركـض نحوهـا والفرحـة تمـ وجهـه. ثـم قبلـت يـد أمهـا وأبيهـا. كانـت المشــاعر تغمــر قلــب أخيهــا تميــم. والعنــود تغــرق فــي دموعهــا وتحــدث نفســها: «عل ـى ب ـاب الغرفـة أقـف وأن ـت ترت ـب الحقائ ـب... أحـاول رمـي بعـض الن ـكات وأطل ـق ضحـكات عابثـة فـي الهـواء، تسـتقبلها بنصـف ابتسـامة وتتشـاغل بترتيـب أغراضـك... أذهـب للغرفـة الثانيـة أحـاول نسـيان الموقـف والوقـت... فتأتـي إلـي حامـاً أغراضـك وتفتـح حديثًـا غيـر مفهـوم. أعـرض المسـاعدة فترفـض وتعـود مـرة أخـرى... أذهـب إليـك وأعـود... وتأتـي وتعـود... ونقضـي الوقـت نهـرب مـن مواجهـة السـاعة الأخيـرة. لا نفتـح حديثًـا حقيقيّـا... ولا نكتـوي بصمـت خانـق... تتأرجـح مـع الوقـت بين هـذا وذلك، فيمـا عقـارب السـاعة تسـابق الحنيـن واللهفـة وكل محـاولات جمـع ذكريـات أخيـرة! أيا تميـم... هـذه المـرة ككل مـرة أختنـق... وأبكـي وألعـن الغربـة والبعـد وكل خيبـات الغي ـاب! أي ـا غالي ًـا كـن بخي ـر... واب ـق ب ـه حي ـث تكـون!» ظنن ـا ب ـأن وقـت تحقي ـق حل ـم تميـم قـد حـان، إلـى أن أخبرتهـم الأم بخبـر قلـب الموازيـن كلهـا. اسـتيقظت العنـود مـن سـهوها علـى صـوت أمهـا وهـي تقـول: «عزيـزي تميـم وفقـكاللهلا تذهـب لقـد انتشـر الآن خبـر وجـود شـخصين مصابيـن بالفيـروس الـذي أخبرتنا عنـه العنـود، وطلبوا مـن الجميـع عـدم السـفر إلا للحاجـة الماسـة والبقـاء فـي الحجـر الصحـي للمـدة التـي بقي ـت أخت ـك فيهـا للتأكـد مـن ع ـدم إصابتهـا بالفي ـروس». وضـع تمي ـم يدي ـه عل ـى راسـه وأغمـضعينيـه بقـوة ولـم يتفـوه بكلمـة لمـدة دقيقـة وبعدهـا قـال: «مـاذا أفع ـل؟ لق ـد تخرج ـت م ـن الجامعـة وأن ـا م ـا زل ـت أحل ـم بالذهـاب إل ـى لن ـدن للدراسـة العليـا مـاذا افعـل؟» ودموعـه تنهمـر بقـوة. قالـت العنـود: «سـأذهب وأشـتري لـك كمامــة لتضعهــا علــى فمــك، ثــم تــوكل علــىالله». رد تميــم منزعجًــا: «هــذا ليــس تـوكلً يـا أختـي بـل إنـه تـواكل. يجـب علـي أن آخـذ بالأسـباب وأبقـى بالبيـت ثـم يمكنـك أن تسـميه تـوكلً حينهـا». ابتسـمت العنـود وحـال لسـانها يقـول: «كـم أنـا محظوظة بـك!» قـام تميـم بإخـراج الهاتـف مـن حقيبتـه وهـو يغـرق فـي بحـر دموعـه. تسـقط

28

Made with FlippingBook Online newsletter