Together Apart-(A)

كورون ـا علّن ـي أع ـزز بهـا مناعت ـي الت ـي أرهقهـا القل ـق، وق ـررت أن أغف ـو قلي ـاً. لكـن لـم يمـضِ الكثيـر مـن الوقـت حتـى عـاد شـبح الـدكان يطاردنـي هـل يعقـل أن أكـون أصبـت يومهـا؟! هـل الفيـروس الآن قـد بنـى قواعـده فـي جسـدي؟! مـا هـذه الأفكار؟ هــو إنهــاكُ العمــل وبُعــد الأهــل لا أكثــر. فــي المســاء بــدأت أشــعر بضيــقٍ وتعــب، وحرارت ـي ارتفعـت قلي ـاً، أري ـد أن أُكـذّبَ نفسـي ولكـن يب ـدو أن الحقيقـة أوضـح مـن أن تحتـاج إلـى دليـل. مـع ذلـك سـأنتظر فأنـا أعـرف أكثـر مـن أي أحـد آخـر أن الذهـاب للمشـفى لـن ينفـع بشـيء، فنحـن لا نجـري تحليـاً ماسـحًا علـى أعـراضكهـذه لا لشـيء ولكـن اختباراتن ـا محـدودة وهن ـاك مـن الحـالات مـا يسـتحقها أكث ـر ممـا قـد يكـون مجـردَ إنفلونـزا عابـرة. ليـسهنـاك أصعـب مـن أن تكـون وحيـدًا أنـت وخوفـك وعقـارب السـاعة بيـن أربعـة جـدران، وليـس بمقـدورك أن تفعـل شـيئًا سـوى أن تنتظـر حكمًـا مـن فيـروسٍ خفـيّ. اسـتيقظت فـي اليـوم التالـي بهمّـة أعلـى لكـنّ السـعال بـدأ يعيـق أنفاسـيَ المتعبـة، كان ســعاً منتجًــا لا جافّــا، نقطــة ربمــا تكــون فــي صالحــي، وحرارتــي ترتفــع أحيانًــا وتعـود أخـرى. لـم أخبـر أحـدًا سـوى صديقتـي، فـا شـيء مؤكـد بعـد، ولا داعـي لأن أثيـر الذعـر فـي القلــوب المرتعبــة أساسًــا. أمســكت قلمــي وبــدأت بكتابــة يومياتــي التــي رافقتنــي من ـذ أول ي ـوم م ـن الحج ـر، كن ـت أع ـرف أنّهـا مرحل ـة أهـم م ـن أن تبق ـى فق ـط ف ـي طيـات الذاكـرة، وحيـن انتهيـت بـدأتُ بممارسـة يومـي كأيّ يـوم عطلـة آخـر، صحيـح أن المـرضقـد بـدأ ينهـك جسـدي لكننـي لـن أسـمح للفـراغ بـأن يكـون المدخـل الـذي يتسـلل من ـه الخـوف إل ـى قلب ـي. أشـغل نفسـي ب ـأيّ شـيء أسـتطيع، فقـد مـرّ عل ـي الكثي ـر مـن المرضـى وأعـرف جي ـدًا أن أول خطـوة للخسـارة هـي أن تستسـلم روحـك للواقـع فتخب ـو إرادة الحي ـاة في ـك. أتعرفـون مـا هـو أصعـب شـعور فـي مواقـف كهـذه؟! النـدم... النـدم علـى الكثيـر مـن الأي ـام التـي ل ـم أعشـها كمـا تسـتحق، النـدم علـى سـهرات العائلـة التـي فوتهـا مـن أجـل مشـاهدة فلـم سـخيف، وجمعـات الأصدقـاء التـي تأخـرت عليهـا مـن أجـل سـاعة ن ـوم، الن ـدم عل ـى آهـات المرضـى الت ـي سـمعتها بعقل ـي لا بقلب ـي فتعامل ـت معهـا بـدواءٍ لا بكلمـةٍ تحتضـن الألـم... لـو كُتبـت لـي فرصـةٌ ثانيـةٌ لـن أسـمح لنفسـي أن تجل ـد ذاتهـا بي ـن عمـل وبي ـت ون ـوم، ل ـن أسـمح لهـا أن تسـتمر كمـا كان ـت ف ـي السـابق، سـأعيشكل التفاصي ـل كمـا تسـتحق فعـاً أن تكـون.

87

Made with FlippingBook Online newsletter