التهديدات الأمنية في حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي

الأوروبیة أمرًا غیر وارد؛ ذلك أن القضایا الأمنیة والدفاعیة المتوسطیة غیر قابلة للفصل؛ ما یوجب النظر للمتوســط كمنطقة واحدة، لكن الختلاف الشاســع في الإمكانیات وموازین القوى، وفي مدركات التهدید والشواغل الأمنیة لضفتي المتوسط، أوجد هوّة بیــن الضفتین، وأدى إلى إخفاق التكیف الأمني لدول الجنوب مع الأوضاع الجدیدة للبیئة الأمنیة المتوسطیة؛ مما أفقدها قوة التأثیر في إیجاد دور لها في صیاغة المعادلة الأمنیةالعسكریة في منطقة المتوسط. رغم التداخل من حیث المشاكل الأمنیة، فإن الأمن في المتوسط، خصوصًا إذا ما تعلق الأمر بالمدركات والعتبارات الستراتیجیة، هو أقرب إلى صیغة الجمع منه إلى صیغة المفرد. وبذلك، یبقى المتوسط فضاء مجزءًا ومختل الموازین، بین ضفتیه الشمالیة والجنوبیة، ما خلّف فجوة بین مركبین للأمن الغربي (المنطقة الأوروأطلسیة والمنطقة الجنوبیة)، خاصة مع الســعي الغربي للحدّ من قدرات الدول العربیة بشــتى الوســائل بما فیها القوة؛ ما یجعل الإشــكالیة الأمنیة المتوسطیة تفتقر لتصور مشترك للأمن في المنطقة. یشــكّل الأمن المجتمعي الأســاس الذي یقوم علیه المركّب الأمني الجهوي في منطقة غرب المتوســط الذي یأخذ شــكل الأنشطة الإرهابیة والإجرامیة والهجرة غیر الشــرعیة، نظرًا لفشــل الدولة في الضفة الجنوبیة. إن التهدیدات الأمنیة العرضیة التي تهیــكل المركب الأمني الجهوي المتوســطي الغربي ذات طبیعــة غیر حكومیة وغیر عسكریة، وحتى عندما تأخذ صبغة عسكریة (أزمة لیبیا) التي تشكّل تهدیدًا استراتیجيّا في الجنوب الغربي للمتوسط. إن تداخــل أمن دول المنطقة الناتج عن الجــوار والتبادل وعن الظواهر العابرة للحدود (الإرهاب، الجریمة، الهجرة...) من جهة، وانهیار/فشل دول الضفة الجنوبیة مــن جهة أخــرى، خلق مجمعًا أمنیّــا ثلاثیّا (جنوب أوروبا وشــمال إفریقیا ومنطقة الســاحل)؛ حیث إن عدم الستقرار وانعدام الأمن في المنطقة، ناتج عن ضعف دول الضفة الجنوبیة. برزت بعد نهایة الحرب الباردة مقاربات جدیدة بدیلة لإدارة ومواجهة التحدیات الأمنیــة الجدیدة ضد أمن المجتمعات الأوروبیة، وذلك باعتبار المشــاكل القتصادیة والبیئیــة والتوترات الجتماعیة الجنوبیة مصــدر تهدید للأمن الأوروبي؛ فتم الإعلان ، من أجل بناء نظام 1995 عن میلاد مشــروع برشلونة للشــراكة الأورومتوسطیة، سنة

122

Made with FlippingBook Online newsletter